الأثنين 19 شوال 1445 ﻫ - 29 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

موقف العهد من السعودية نهجٌ وليس سهوًا أو زلَّة لسان

أزمة المنظومة المتعددة الأضلع: فريق العهد، حزب الله، فريق 8 آذار، مع المملكة العربية السعودية، ليست “صاعقة في سماء صافية”، بل هي نهج وقناعة، وإنْ حاول المتذاكون أن يُلبسونها لبوس الصدفة والسهو وزلة اللسان!

من اليافطة المسيئة للملكة العربية السعودية التي رُفِعَت على جسر جل الديب، على الطريق الساحلية بين بيروت وجونيه، ورفعها مناصرون للتيار الوطني الحر، وتضمنت إساءة مباشرة للملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وتلك اليافطة أتت انسجامًا مع الخطاب السياسي للتيار الوطني الحر ولرئيسه آنذاك العماد ميشال عون الذي كان مقيمًا في الرابية قبل انتخابه رئيسًا للجمهورية. إلى الكلام المسيئ الذي قاله وزير الخارجية السابق شربل وهبي، لإحدى القنوات التلفزيونية، في حق المملكة، والمعروف ان وهبي كان مستشارًا للرئيس عون للشؤون الديبلوماسية، قبل ان يُعيَّن وزيرًا للخارجية بعد استقالة الوزير ناصيف حتي، وكان يُفترض ان يكون وزيرًا للخارجية وزير البيئة دميانوس قطار، عملًا بمرسوم الوزير البديل في حال غياب الاصيل، لكن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل رفض هذا الامر فاستُبعِد قطار وعُيِّن وهبي، في مخالفة صريحة لمرسوم تسمية الوزراء البديلين.

من شربل وهبي إلى عبدالله بو حبيب، لا تٌرسَم السياسة الخارجية في ” قصر بسترس” (مقر وزارة الخارجية)، بل في قصر بعبدا أو مبنى ميرنا شالوحي( مقر التيار الوطني الحر)، فتعيين السفراء خصوصًا في عواصم القرار، لا يتم إلا بموافقة وتسمية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل: غابي عيسى في واشنطن، رامي عدوان في باريس، فريد الخازن في الفاتيكان، وآخرون… هؤلاء يرتبطون مباشرةً بجبران باسيل حتى ولو لم يعد وزيرًا للخارجية.

وما يعزز “نظرية” ان “الخطاب الديبلوماسي” للتيار الوطني الحر ليس سهوًا، هو الذرائع التي يُطلقها التيار بعد كل موقف ديبلوماسي نافر، فحين جرى تسريب ما قاله الوزير شربل وهبي، جاءت الذريعة أن هناك “مؤامرة محبوكة ضد وهبي لتطييره من الخارجية “، وحين تم تسريب ما قاله وزير الخارجية الحالي عبدالله بو حبيب إلى صحيفة ” عكاظ ” السعودية، جرت محاولة اولى لنفي ما تم تسريبه ، وبعد فشل المحاولة قيل إن ما تم تسريبه مجتزأ، ولكن حين ووجِه بان التسريبات كاملة، لم يجد بُدًّا سوى الإقرار بما قاله.

ليست القصة قصة شربل وهبي ثم عبدالله بو حبيب، إنها قصة الإشكالية في علاقة الرئيس ميشال عون، ليس من اليوم بل منذ اثنين وثلاثين عامًا ، تاريخ إقرار اتفاق الطائف في المملكة العربية السعودية، العماد عون كان ضد اتفاق الطائف وكل ما انبثق عنه من انتخاب لرئيس الجمهورية الرئيس الشهيد رينية معوض ثم الرئيس الياس الهراوي. والديبلوماسية التي انتهجها منذ ذلك التاريخ حتى بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية ، كان ” ديبلوماسية باردة ” تجاه المملكة ” ولهذا كان اختيار وزراء لحقيبة الخارجية، انطلاقًا من هذه النهج.

في كتابه ” الضوء الأصفر – السياسة الأميركية تجاه لبنان” ، يُفرِد مؤلفه الوزير عبدالله بو حبيب فصلًا تحت عنوان: “الانفجار واتفاق الطائف”، وفي هذا الفصل يروي بو حبيب بعض تفاصيل اجتماع بينه وبين العماد عون، والأمير فاروق ابي اللمع، ايام الحكومة العسكرية، فينقل عن عون قوله: ” ما حدا بيدخل بين وبين عبدالله( بو حبيب)، ليس فقط لأن والدته من عائلة عون ، وإنما عائلة بو حبيب تنتمي إلى عائلة عون”.

حين يكون المقياس، القرب العائلي، فعن أي ديبلوماسية يمكن الحديث؟