الخميس 1 ذو القعدة 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل باتت المواجهة الأميركية الإيرانية حتمية؟!

عندما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن وصول بعض قطعها البحرية إلى منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر، لم تكن المنطقة مشتعلة نتيجة أحداث 7 أكتوبر وهي أبحرت قبل أشهر من هذه الأحداث وبرر وجودها يومذاك وفق كلام المتحدث باسم الأسطول الخامس تيم هو كنز، أن عملية الانتشار الحديثة تؤكد “التزامنا القوي والثابت بالأمن البحري الإقليمي”، مشيرًا إلى أنها لردع النشاط المزعزع للاستقرار وتخفيف التوترات الإقليمية الناجمة عن مضايقات إيران ومصادرة السفن التجارية

في 6 من شهر أغسطس الماضي، دخلت السفينة الهجومية “يو إس كارتل هو” إلى البحر الأحمر بعد عبورها البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس والسفينة البحرية “يو أس إس كارتر هول” يرافقهما ٣٠٠٠ من عناصر مشاة البحرية الأميركية.

إن التواجد الأميركي البحري تعزز في المنطقة بعد أحداث 7 أكتوبر وقبل بدء الحوثيين باستهداف ميناء “إيلات” المعروف بـ أم الرشراش، وباتت مياه البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط بمثابة قاعدة عسكرية بحرية لم تشهدها المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية حيث تجاوز عدد القطع البحرية العسكرية الـ ٥٠ من ١١ دولة.

ومع توسع الحوثيين في عملياتهم وتطورها إلى استهداف السفن التجارية وناقلات النفط التي ترتبط بإسرائيل ودول أخرى ومحاولة قصفها بالطائرات المسيرة والاستيلاء على البعض الآخر، حيث تعرضت عشر سفن لهذه المخاطر، بدأت الشركات العملاقة بتعليق مرورها عبر مضيق باب المندب ومن بينهم شركات ناقلة للنفط.

وبعد تشكل تحالف “حارس الازدهار” الذي أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قيامه بمشاركة العديد من الدول الأوروبية ومملكة البحرين القاعدة الأساسية للأسطول الخامس الأميركي، انسحب تهدئة على جبهة المواجهة التي يقودها الحوثيون واعتبرها البعض جزء من الوقت المستقطع بانتظار تبلور مشهد تحالف “حارس الازدهار” والدول التي ستنضوي فيه ومن سيخرج منه مع وضع إسبانيا فيتو على مشاركة دول الاتحاد الأوروبي فيه والأسباب التي دفعتها إلى تبديل موقفها الإيجابي تجاه المشاركة.

هذه التطورات سيكون لها انعكاساتها على البقعة البحرية التي تربط العديد من الدول بمصالح اقتصادية مشتركة قد تشعل حرائق تتجاوز باب المندب لا سيما مع عودة مسلسل الاستهدافات مع تعرض سفينة تجارية على علاقة بإسرائيل ترفع علم ليبيريا، لقصف يوم أمس بمسيرة قبالة ساحل الهند الغربي وهي محملة بمنتجات كيماوية اشتعلت النيران في جزء من هيكلها. هذا الحدث يؤشر إلى أن الخطر الأمني على الممرات البحرية والمضائق لم يردعه قيام التحالف الأمريكي الأوروبي، وقد يرتفع منسوبه مع تبادل الاتهامات والتهديدات بين إيران وواشنطن حيث اتهمت الأخيرة طهران بالضلوع الوثيق في الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية مع تأكيد البيت الأبيض على تزويد طهران للحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية تكتيكية مع التي أعلنت عنها المتحدثة باسم المجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون عن توصل الأجهزة الأميركية عبر تحليل بصري إلى خصائص متطابقة تقريبًا بين الطائرات المسيرة الإيرانية وتلك التي يطلقها الحوثيون معتمدين على أنظمة مراقبة توفرها إيران في البحر.

في المقابل، وجه نائب قائد الحرس الثوري الإيراني العميد رضا نقدي تحذيرًا للولايات المتحدة وإسرائيل بأن البحر المتوسط قد يغلق إذا واصلت أميركا وحلفائها ارتكاب الجرائم في غزة، معلنًا أنه قد يؤدي هذا الأمر إلى تشكيل قوة أخرى وصفها بالمقاومة في أنحاء العالم وفي الممرات المائية وإغلاق البحر المتوسط وباقي الممرات كجبل طارق وممرات أخرى في البحر المتوسط، في وقت كان قد صرح قائد البحرية للحرس الثوري اللواء سيري منذ أيام بأن إيران وصلت إلى مرحلة متقدمة في تعزيز قواتها البحرية، لافتًا إلى أن كل الزوارق الحربية الإيرانية تم تزويدها بصواريخ دقيقة لضرب أهدافها.

هذه المعطيات والتهديدات التي تطورت بعد إنشاء هذا التحالف تشي بأن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة بين الولايات المتحدة وطهران التي أكدت في أكثر من مناسبة وعلى عدد من المسؤولين الرسميين بأنها لن تشتبك مع إسرائيل ما لم يتم التعرض لطهران مباشرة. ويبدو أن الأمور قد تتجه إلى مواجهة بعد تبدل المواقف الأميركية التي حاولت تحييد إيران عن ضلوعها في مساعدة “حماس” أو دفعها للقيام بعملية ٧ أكتوبر، لكن يبدو أن الأمور تبدلت مع الإشارة المباشرة لتورط إيران في المساعدة على تهديد الملاحة البحرية وهو أمر بات يرتبط بالاقتصاد العالمي والمصالح التجارية للعديد من الدول وهو قد يؤدي إلى حصول مواجهة خارج المسرح الأساسي، قد تدور رحاها في مناطق نفوذ إيران في سوريا وتحديدًا شرق الفرات لقطع الأوصال بين طهران وميليشياتها، لإفقادها القدرة على إشعال المحاور  لإشغالها في أكثر من جبهة برية وبحرية. المؤكد أن الأمور في المنطقة متجهة نحو التصعيد في ظل انتشار الفتائل والصواعق في أكثر من بقعة ولا يمكن الجزم من أين ستكون بداية هذا التفجير.