الأحد 4 ذو القعدة 1445 ﻫ - 12 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل هو فعلًا صراعٌ بين دستورَيْن؟

ليس تفصيلًا أن يقول رئيس الحكومة المكلَّف، في مقابلته مع محطة” الحدث” ان “ثمة مَن يتعاطى في عملية تشكيل الحكومة وكأننا في زمن دستور ما قبل الطائف، فيما الدستور الذي يحكمنا هو دستور الطائف”.

وحدها هذه الجملة كافية لتطيير التشكيل لأن فيها اتهامًا مباشرًا لرئيس الجمهورية بأنه ينسف الطائف ليعود إلى دستور ما قبل الطائف، وبشكلٍ ادق يتهمه بالإنقلاب على الطائف.

عمليًا ماذا يعني كلام الرئيس المكلَّف؟

للإجابة عن هذا السؤال، لا بد من المقارنة بين مادة تشكيل الحكومة في دستور ما قبل الطائف، وبين المادة ذاتها في دستور ما بعد الطائف.

في دستور ما بعد الطائف، تقول المادة 64 “رئيس الحكومة يمارس الصلاحيات الاتية:

يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها”.

المشترع تحدث عن ” يمارس الصلاحيات”أي ان من صلاحياته تشكيل الحكومة، اما التوقيع فمشترك بينه وبين رئيس الجمهورية”.
دستور ما قبل الطائف يعطي صلاحية مطلقة لرئيس الجمهورية،حيث ان المادة 53 تقول:”رئيس الجمهورية يُعيِّن الوزراء ويسمي منهم رئيساً “.

فهل قصد الرئيس المكلّف أن الرئيس عون يريد ان ” يُعيِّن الوزراء”؟ إذا كان هذا هو القصد فماذا يفعل الرئيس المكلَّف في هذه الحال؟ وما هو دوره؟

هذه عقدة تكاد أن تتحول إلى معضلة، فهل هي زلة لسان من الرئيس المكلَّف؟ ام انه تقصَّد أن يوجِّه رسالة إلى ” المعنيين بالتشكيل ” انه لن يرضى بتشكيل حكومة وفق دستور ما قبل الطائف.

لكن، فعلًا، هل المشكلة دستورية؟

لا يُخفى على أحد أن الرئيس عون لا يريد الطائف ويرفضه، ولم يقبل به يومًا في قرارة نفسه ،ويتحيَّن كل الفرص للإنقلاب عليه، كما ان ” الإجتهادات” التي يُقدِّمها له مستشاره القانوني وزير العدل السابق سليم جريصاتي، تصب كلها في تفسير المواد بما يناسب الوضع الذي كان قائمًا قبل دستور الطائف، والمستشار جريصاتي في المناسبة من ألمع واغزر “مُقدِّمي خدمات” الإجتهادات الدستورية والقانونية إلى درجة ان معظم فريق 8 آذار يستعين بقدراته في هذا المجال.
إذا كانت المشكلة دستورية، فعلى التأليف السلام، ورئيس حكومة تصريف الأعمال ” سيمكث سعيدًا في السرايا الحكومية”، إلى أن تتقدَّم اعتبارات غير الإعتبارات الدستورية. لكن المأساة انه لم يعد هناك اعتبار يمكن ان يدفع”المعنيين بالتاليف”إلى التراجع عن تصلّبهم.

الم يُنقَل عن رئيس الجمهورية قوله انه لم يعد لديه ما يخسره؟ ربما فاته ان الخسارة الكبرى يتحمَّلها الشعب وليس الحكَّام!