الجمعة 9 ذو القعدة 1445 ﻫ - 17 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

يوميات "المزرعة" اللبنانية

يرسمُ خبيرٌ في الشؤون اللبنانية لـ”صوت بيروت انترناشونال” لوحة من يوميات “الدولة” التي يسمِّيها “مزرعة”، فيخط ما يلي:
يقترب مخزون البنزين من النفاد.

يقترب الشارع من الإشتعال.

يدعو رئيس الجمهورية إلى اجتماع.

يحضر الاجتماع وزيرا المال والطاقة وحاكم مصرف لبنان، ومن “فريق” رئيس الجمهورية ثلاثة مستشارين ومدير عام رئاسة الجمهورية.

يغيب عن الإجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال.

” يُقرِّر” الإجتماع الطلب إلى حاكم مصرف لبنان تمويل استيراد البنزين.

يشترط حاكم مصرف لبنان صدور قانون في هذا الخصوص وأن يوقّع رئيس الحكومة على هذا الطلب.

يتصل رئيس الجمهورية بالرئيس ” المعتكِف ” عن حضور الاجتماع لاقناعه بالسير في ما تمَّ تقريره.

يُصدر حاكم مصرف لبنان بيانًا يقول فيه إنه سيلبي طلب فتح الإعتماد بموجب المادة 91 من قانون النقد والتسليف التي تتيح للحكومة ان “تطلب” من المصرف فتح الاعتماد.

في اليوم التالي يوقِّع رئيس الحكومة على الطلب.

ما سبق كلًّه هرطقة، لكنها هرطقة مُكلفة بما يتجاوز الخمسمئة مليون دولار، هي قسمة ” القرض ” الذي سيُعطى للحكومة:

الهرطقة الأولى أن اجتماع قصر بعبدا ” قرَّر”، إذ لا يحق له دستوريًا أن يُقرر، لأن القرارات منوطة بمجلس الوزراء مجتمعًا، وليس هناك حكومة غير مستقيلة ليحق لها عقد جلسة مجلس الوزراء.

الهرطقة الثانية أن مصرف لبنان وافق على إقراض الحكومة بموجب ” طلبِها ” ، علمًا أن لا حكومة قائمة لتطلب ، بل حكومة مستقيلة.

الهرطقة الثالثة أن رئيس الحكومة وقَّع على قرار اتُخِذ في اجتماع لا مفاعيل قانونية مُلزِمة له.

ويستطرد الخبير في الشؤون اللبنانية: ما سبق يؤكِّد بما لا يقبل الشك أننا في مزرعة ولسنا في دولة، فمن اجتماع قصر بعبدا إلى بيان مصرف لبنان إلى توقيع رئيس حكومة تصريف الأعمال، ” ثلاثية هرطقة ” تستدعي الطعن بها، لكن على مَن تقرأ مزاميرك يا مواطن؟

أما الكارثة الكبرى فتتمثَّل في ” مد اليد ” على ما تبقى من أموال المودِعين في مصرف لبنان، لتمويل شحنات البنزين التي يذهب معظم كمياتها إلى سوريا.

إذا كان يومٌ واحد في ” يوميات المزرعة اللبنانية ” يكلِّف نصف مليار دولار، هي قيمة الإعتماد لاستيراد البنزين، فماذا لو استمرَّ القيمون على هذه المزرعة في هذا المنحى من يومياتهم وفي الصرف وفق هذه القاعدة؟

ما يسميه مصرف لبنان ” قرضًا ” يحتِّم على الدولة اللبنانية أن تعيده، هو في حقيقة الأمر قرضٌ يستحيل على الدولة أن تعيده، لنتذكَّر الاعتمادات التي فتحها مصرف لبنان لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول، لقد سُجِّلَت هذه الإعتمادات على أنها قروض على المؤسسة لمصلحة خزينة الدولة، ولكن لم ترد المؤسسة سنتًا من هذه الإعتمادات، فكيف سترد قرض النصف مليار دولار؟