الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"إيران برّا.. بيروت حرّة" لا تستخِفّوا

شفيق بدر ناشطٌ بيروتي، تجرَّأ على “الوصول” إلى أمام “ستاند” دار المودة للترجمة والنشر، في معرض بيروت العربي والدولي للكتاب، وهتف:

“بيروت حرة حرة ، إيران اطلعي برا”، وراح يضرب بقبضته على صورة القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الايراني، قاسم سليماني، المرفوعة في الـ”ستاند”.

عاجله شبَّان بالضرب المُبرِح، مرفقًا بتعابير لاذعة، وأُدخِل إلى المستشفى بسبب إصابات بالغة.

ليس عرضيًا على الإطلاق هذا الحادث، شفيق بدر يختزن ويختزل مشاعر بيروتية ووطنية ضد إيران ورموزها ولاسيما منهم قاسم سليماني. وحادثة معرض الكتاب ليست معزولة في الزمان والمكان، بل تأتي في سياق المواجهة بين القوى السيادية وقوى مؤيدة لإيران، خصوصًا أن القوى السيادية تُراكم سلسلة من الممارسات للقوى المؤيدة أو التابعة لإيران والتي لم يعد من الجائز السكون عنها:

ساحات في بلدات سُمِّيت باسم قاسم سليماني، ورُفِعَت فيها تماثيل له. طريق المطار امتلأت بصور عملاقة لسليماني والخميني والخامنئي.

لا تنزل هذه الصور “برداً وسلاماً” على أبناء بيروت وعلى غالبية اللبنانيين عمومًا، فيأخذ التعبير عن رفضها أشكالًا متعددة، منها الاعتراض عبر مواقع التواصل الإجتماعي، ومنها بيانات قوى سياسية، ومنها الاعتراض الميداني الجريء كالذي قام به الناشط شفيق بدر.

إذًا، الحادثة ليست فردية، وإنْ حاول البعض وضعها في هذا السياق. الحادثة سياسية بامتياز، تُعبِّر عن رفض “الهيمنة الإيرانية” التي تبدأ بصواريخ حزب الله المئة ألف، ولا تنتهي برفع صورة قاسم سليماني في معرض الكتاب العربي.

قد يقول البعض إن الهتافات التي أُطلِقَت، والضرب على صورة قاسم سليماني، يتناقض مع شعار “التعددية وحرية التعبير”، لكن الرد على هذه المقولة يأتي على الشكل التالي: “ومتى كانت إيران وحزب الله مع التعددية وحرية التعبير؟ يستخدمان هذه المصطلحات حين تصب في مصلحتهما، ويتناسونها حين لا تعود تخدمهما”.

ويسأل متابِعون: أين هي التعددية وحرية التعبير حين يُغتال لقمان سليم؟

اين التعددية وحرية التعبير حين يُتهَّم كل شيعي مُعارِض بأنه من “شيعة السفارة” (المقصود السفارة الاميركية في عوكر)؟

ما حصل في معرض الكتاب هو تتمَّة ميدانية لِما بدأ سياسيًا وعبر مواقع التواصل الإجتماعي، لذا لا يجوز أن يُستَهان به على الإطلاق، فمعظم الحركات الكبرى بدأت بتحركات متواضعة ولكن مُعبِّرة، كتلك التي قام بها شفيق بدر.

أما العِبرة مما حصل فهي انه لا يجوز الإمعان في استفزاز البيروتيين خصوصًا واللبنانيين عموماً: من اعتبار “غزوة 7 أيار “يوماً مجيداً، إلى وصف المتهمين في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأنهم “قديسون”، إلى رفع صور قاسم سليماني على طريق المطار وتسمية ساحات في بعض القرى والبلدات باسمه، وصولًا إلى رفع صورته في معرض الكتاب العربي والدولي. فهذه الاستفزازات تشكِّل “قوة الدفع” للاعتراض على الهيمنة الإيرانية، وهذا الاعتراض في وضعِ التنامي لا التقهقر، فحذارِ الاستخفاف به.