السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الجيش مطالب أكثر من أي وقت مضى بحماية حرية الإنتماء السياسي

ما كفله الدستور اللبناني للمواطنين يظهر انه أبعد ما يكون عن التطبيق، فقد نصت المادة 13 منه على ان “حرية ابداء الرأي قولا وكتابة، وحرية الطباعة، وحرية الاجتماع، وحرية تأليف الجمعيات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”، ما يعني بوضوح ان كل تلك الحريات مصانة ومحمية في الدستور، شرط ممارستها تحت السقف الذي يحدده القانون، الا ان ما يحصل اليوم يدل على ان الدستور مجرد حبر على ورق، لاسيما فيما يتعلق بحرية الانتماء السياسي، التي تتلقى الضربات واحدة تلو الاخرى على مرآى من الجيش اللبناني.

الصورة واضحة من خلال ما حصل في الفترة الاخيرة، فقد فشل الجيش اللبناني في حماية المتظاهرين في عدة اماكن من لبنان، بعدما نزلوا للتعبير عن ارائهم واذ بهم يتعرضون للاعتداءات والضرب. التقصير في التعاطي مع الامر هو السمة البارزة للجيش، واليوم هو مطالب أكثر من اي وقت مضى بحماية الانتماء السياسي لاي جهة كانت ولأي شخص كان، فعندما يرفع المتظاهرون الصوت منتقدين السلاح غير الشرعي، مطالبين بنزعه، وحصره بيد الشرعية لا يجب ان يعتدى عليهم من قبل عناصر ميليشيا “حزب الله”، كما رأينا في وسط بيروت عدة مرات، من هجوم بربري على الثوار، وبدلاً من وضع الجيش حداً للغزاة وقف متفرجاً على ما تقترفه ايديهم، كما عندما يتم انتقاد اياً من المنظومة السياسية الفاسدة يجب الا يعتدى على المنتقدين من قبل ازلام هذا الزعيم او ذاك، وما حصل امام عين التينة لمجرد مرور الثوار بسياراتهم من المكان وما تعرضوا له من ضرب وتكسير لسياراتهم من دون ان تتم حمايتهم ممن كلف بذلك يطرح علامات استفهام، عن دور الجيش وسبب سكوته عن التعرض للمواطنين، بدلاً من ان يضرب بيد من حديد لا ان يقف موقف المتفرج وكأنه مراقب لا سلطة له.

ما يحصل في لبنان يظهر وكأن شبحاً يخيّم فوق التعبير وحرياته لاسيما حرية الانتماء السياسي، التي وضعت قيد التقنين كما يتم تقنين كل شيء في البلد، ولان الجيش حامي الوطن والمواطنين يجب عليه التدخل وحماية حرية المواطنين في اختيار انتمائهم السياسي، فوقوفه كمسجل لما يدور جعل من “الميليشيات” التابعة لاحزاب تستقوي بالسلاح هي الحاكم الاول للبنان، ما دفع العديد من اللبنانيين الى طرح السؤال فيما ان كان الجيش يأخذ أوامره من هؤلاء، أم ان القرار السياسي الذي يسيطر عليه “حزب الله” هو من يجبر الجيش على عدم التدخل لمنع القمع الذي يحصل على اللبنانيين لمجرد رفعهم الصوت او التعبير عما يريدون.

لا بل للاسف تدخل الجيش عدة مرات وقمع الثوار في عدة مناطق من لبنان، بالعصي والهروات والغاز المسيل للدموع انقض عليهم، بدلاً من حمايتهم كونهم سلميين، حقهم في التظاهر مشروع، وتعبيرهم عن ارائهم يكفله الدستور، فليقم الجيش بدوره من دون ان يسمح للتدخلات السياسية ان تسيطر على قراراته وواجباته وليحم المواطنين في ممارسة حقوقهم.