الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هكذا أفشل العهد نفسه مسيحياً و وطنياً

لم تكن ملاحقة العهد لحاكم مصرف لبنان، و الإصرار عليها لأغراض متصلة بجذب الشعبية قبل الانتخابات النيابية على حساب الاستقرار الداخلي الأمني و الاقتصادي المطلوب لتمرير هذه المرحلة و تجنب مزيد من الانهيارات للواقع اللبناني هي الأولى. إنما سبق ذلك محطات عديدة جَرَّت البلاد إلى خلاف مسيحي-مسيحي، شكل أحد العوامل الكبرى التي أدت الى فشل العهد لا سيما و أن الدعم المسيحي كان لطالما يشدد عليه أي رئيس، و يحافظ عليه أيضاً.

وفضلاً عن خسارة المزيد من السيادة و الاستقلال و الحرية و تنفيذ القرارات الدولية، و تحقيق العداء لكل الأطراف السياديين من مسلمين و مسيحيين، يحارب العهد قائد الجيش و حاكم مصرف لبنان، و البطريركية المارونية، و هي الرموز المسيحية الوطنية. و حارب العهد اتفاق معراب الذي جمعه مع القطب المسيحي الآخر، و وصل الأمر الى ما حصل في أحداث عين الرمانة الأخيرة و أسبابها و تداعياتها. و خسر العهد بذلك الشريك المسيحي، و خسر شعبياً الى الحد الذي بات معه يقلق فعلياً على مصير تياره في الانتخابات النيابية. كما أنه حارب بعد توليه الرئاسة شريكه المسيحي بالنسبة الى المراكز في الدولة، إذ أراد السيطرة على المراكز التي تحق للمسيحيين بدون أن يعترف أن هناك مسيحيين غير التيار العوني في عملية استرجاع الوظائف المسيحية. هذا ما تؤكده أوساط سياسية و نيابية.

ثم جاءت ثورة 17 تشرين الأول 2019 فكاد أن يحصل صدام بين التيار و القوات، و رفض قائد الجيش فتح الطرقات عن طريق القوة. و على الرغم من كل ما حصل لم تطلب القوات استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون أو إسقاطه. و عندما وقع انفجار 4 آب رفض عون لجنة تحقيق دولية، ووقف ضد أهالي الضحايا و طلب إليهم القبول بالتحقيق اللبناني الذي رأينا أين هو الآن حيث لم يفضِ الى نتيجة. ثم وقف مع غزاة عين الرمانة ضد البطريركية و المسيحيين. ومحاربة سلامة الآن ليس لحماية حقوق المودعين أو المسيحيين، بل للسيطرة على المركز ففقد الغطاء المسيحي، و حاول الالتفاف على البطريرك في مسألة الحياد، وبين تأييد البطريرك أو “حزب الله” فضل تأييد الحزب.

إنها فصول من عملية تخريب لبنان آخرها الآن تصفية أصول الدولة، و الإيقاع بين الأجهزة الأمنية عبر طريقة استدعاء سلامة، فتعم الفوضى و يتعذر السير بمسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، و يتم تهديد إجراء الانتخابات النيابية.

و تذكِّر الأوساط بالانتكاسة الأولى لاتفاق بكركي بين البطريرك و القادة المسيحيين، لدى تعطيل نصاب انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة الثانية، بعدما جرى تأمينه في الجلسة الأولى وفقاً لاتفاق بكركي الذي منع تطيير النصاب. وبعد ذلك عمل حزب الله على تعطيل البلد سنة و نصف السنة. تبع ذلك اتفاق معراب الذي نكسه الرئيس بعد انتخابه لا سيما في ما خص البنود السياسية، أي: حصر الشرعية بيد الدولة، و تنفيذ اتفاق الطائف، و حياد لبنان، و ذلك بالتعاون مع حليفه الذي يحمل السلاح. و هذا الحليف هو الذي ضغط و عطل البلد حتى انتخب عون رئيساً.

    المصدر :
  • صوت بيروت إنترناشونال