قد يكون الأسوأ من فصول التحلل المتعاقبة لمهابة الدولة وسلطتها والتي كان آخرها انفجار تداعيات عمليات تهريب المخدرات والمنوعات الى المملكة العربية السعودية ان يصبح الملف الحكومي في طي النسيان بعدما تراجع الى المراتب الخلفية سواء بتعمد الجهات المعطلة ام بسبب تصدر الفضائح اليومية واجهة الأولويات. وفيما بدأ يقترب استحقاق بالغ الدقة والخطورة يتمثل ببت مسار رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية من خلال البطاقة التمويلية والذي أنكبت حكومة تصريف الاعمال على مواجهته وعقد أجتماع لهذه الغاية مساء امس برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بما يعكس بدء العد العكسي لحسم الاتجاهات النهائية لهذا الملف الأساسي.
يتعمّق الخلاف السياسي يوماً بعد يوم من دون ان يكون هناك اي أفق للخروج من الأزمة المالية التي تتفاقم بنحو سريع وخطير، فيما الحكومة التي تشكل المدخل الأساسي للحلّ وضعت على الرف من دون ان يكون هناك اي بدائل لمواجهة هذه الأزمة، فلا حكومة تصريف الأعمال قادرة على هذه المهمة، خصوصاً ان الأوضاع واصلت تراجعها إبّان هذه الحكومة، ولا القوى السياسية متوافقة على الانتخابات المبكرة كمخرج من الفراغ والتعطيل والانسداد في الأفق السياسي، ما يعني انه لم يبق سوى التفرُّج على الانهيار، وهذا الخيار أشبَه بالموت البطيء وكأنّ لبنان يعاني مرضاً لا علاج له ومصيره الموت المحتّم، وهذه جريمة ترتكب بحق لبنان واللبنانيين.
وعلى مقلب القضاء، أصبح جلياً أنّ “التيار الوطني الحر” قرر خوض معركة “كسر عظم” مع مجلس القضاء الأعلى والنائب العام التمييزي عبر رعايته الرئاسية والسياسية المباشرة لتمرّد القاضية عون على السلطة القضائية، تقدمت الأخيرة خلال الساعات الأخيرة بشكوى لدى مجلس شورى الدولة ووزارة العدل، طالبةً مراجعة وإبطال قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إعادة جدولة المهمات القضائية في استئنافية جبل لبنان. بينما استرعى الانتباه على الضفة المقابلة إطلاق عويدات مسار “تحقيق مضاد” بموجب الشكوى المقدمة من جانب وكلاء شركة مكتف ضد الخبراء الأربعة الذين رافقوا القاضية عون في اقتحامها مقر الشركة في عوكر، فكلّف المباحث الجنائية المركزية التحقيق في الشكوى واستجواب هؤلاء الخبراء بتهمة ”السرقة من داخل الشركة والدخول اليها بواسطة الكسر والخلع”، وعلى الأثر باشر رئيس قسم المباحث العقيد فاروق دياب تحقيقاته مع أحد هؤلاء الخبراء، على أن يليه استجواب الثلاثة الآخرين تباعاً خلال الساعات المقبلة.