الانتخابات الأمريكية اليوم، ولم يعد ثمة فارق بين من كان ينتظر هذا الاستحقاق تلمّساً لاتجاه الريح في مراكبه، وبين من كان يستعجل نصب أشرعته تحسباً لعصف خارجي مفاجئ يقلب الموازين على دفته.
عملياً، دخلت الولايات المتحدة في ولاية عهد رئاسي جديد والساعات المقبلة ستحسم طبيعته ليتضح تباعاً ما سيتأتى عنها من ارتدادات على مستوى العالم والمنطقة… أما لبنان فكان قبل الاستحقاق الأميركي وسيبقى بعده، غارقاً في “شبر عهد” أغرق اللبنانيين في بحور الإفلاس وأغدق عليهم بعطايا الشؤم والبؤس والانهيار ولا يزال يعدهم بالمزيد من البلايا على الطريق نحو “جهنم”.
وسط أجواء ضبابية، عادت تخيّم في سماء العلاقات بين المكونات التي تسعى إلى تأليف حكومة جديدة، ومع عودة الدولار الأميركي إلى الارتفاع، كإشارة سلبية للارتباك في التأليف، أو انكشاف الجهات المعرقلة، مما أوجد حالة غير مقبولة، لدى الرئيس المكلف سعد الحريري والكتل التي رشحته لتأليف الوزارة العتيدة، وتم التداول في خيارات عدّة، منها نقل الإحراج إلى بعبدا، وتقديم تشكيلة خارج سياق التفاهم الكامل، لقبولها أو رفضها، لكن المناخ التوافقي اقتضى تحريك الوسطاء، فزار الرئيس المكلف بعبدا، وأعيد ضخ أجواء «توافق إيجابية» بعد بيانين لبعبدا والنائب جبران باسيل ان لا أحد يتدخل كطرف ثالث، وان عملية التأليف تسير بالطرق الدستورية، وفقاً لما هو معلن بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وفي الحد الأدنى لا حكومة قبل فجر الأربعاء وفي الحد الأقصى قد يكون مسار تأليف الحكومة منزلقا نحو ازمة مفتوحة وقد يكون الاحتمال الثاني هو الأرجح.
وامام هذا الواقع، لا نزال مشكلة لبنان الكبرى في السلطة القائمة، أو ما تبقّى منها، التي تصرّ على ابقائه مرميًّا في حقل تجاربها الفاشلة، التي درجت عليها منذ أن تسلّمت زمام قيادة البلد منذ مطلع السنة الحالية، وأكملت من خلالها «تزليط» البلد من كل عناصر مناعته الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية، وألقت بالمواطن في جحيم الفقر والجوع مكشوفاً بلا مظلّة أمان لا لحاضره ولا لمستقبله.