الأربعاء 15 شوال 1445 ﻫ - 24 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الورقة الكويتية و"دبلوماسية التذاكي"!

هناك قاعدة في علم النفس الاجتماعي تقول:”التذاكي بحاجة إلى ذكاء”، وفق هذه القاعدة فإن التذاكي ينقلب إلى ورطة إذا كان مبنيًا على تشاطر يلامس حدود الغباء.

ما يجري على صعيد الواقع اللبناني، غير بعيد عن هذه القاعدة ، وقد تأكد اكثر فاكثر في كيفية تعاطي لبنان الرسمي مع الورقة الكويتية وفق منطق à la carte ، بمعنى أن يختار لبنان منها ما يعجبه ويُهمِل ما لا يعجبه :

يختار مثلًا قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 ، ويُهمِل القرار 1559، وكأن هناك مَن همس في آذان الطبقة الحاكمة ان لبنان يملك ترف أن يختار وان يُهمِل. لكن في مقابل هذا التذاكي “يُطنِّش” المسؤولون عن حقيقة مفادها ان الورقة الكويتية هي package ، إما أن تؤخذ كلها وإما أن تُهمَل كلها.

هناك فرق بين الكلام السياسي والكلام الديبلوماسي، في اللغة الديبلوماسية المستخدمة بين الدول ، لا مكان للكلام الذي يحمل اكثر من معنى، لا مصطلحات رمادية، فإما ابيض وإما اسود، إما قبول وإما رفض.

لبنان الرسمي، بهذه المنظومة، لا يجرؤ على ان يوافق على الورقة الكويتية، والسبب بكل بساطة أن الديبلوماسية اللبنانية “رهينة” في يد حزب الله، وطالما ان القرار 1559 يستهدفه مباشرةً، فكيف يمكن له ان يوافق على قرار ضده؟ وطالما أنه قادر على الرفض، فمَن يجرؤ على رفض طلبٍ له؟
للعِلم، فإن حزب الله لم ينتظر الرد اللبناني الذي يحمله وزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى مجلس الوزراء العرب، بل رد على طريقته الخاصة والمعهودة من خلال استهداف قوات الطوارئ الدولية، وهذه “المعزوفة” بات يستخدمها الحزب لتوجيه رسائله من خلال الزعم أن المواجهة هي مع أبناء البلدات وليست معه! بالتأكيد هذا الزعم لا ينطلي على أحد ولاسيما على قيادة قوات الطوارئ التي تكتفي بوضع التقارير وإرسالها إلى مقر الامم المتحدة في نيويورك، وباتت تعرف سلفًا ماذا سيكون عليه الموقف الرسمي اللبناني من أن ” الحكومة اللبنانية فتحت تحقيقًا في الحادثة”.

هذه المعزوفة الممجوجة لم تعد ذات صدقية، فمنذ قرابة الشهر حتى اليوم، تعرضت قوات الطوارئ لثلاثة اعتداءات، كانت تقابلها السلطة الرسمية ببيان مقتضب يتضمن “استنكارًا وتأكيدًا على فتح تحقيق”، فتمر الحادثة ولا يُعرَف مصير التحقيق!

لكن على لبنان الرسمي أن يتحسب إلى قرار يمكن ان تتخذه الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية، وهو الانسحاب من المشاركة في هذه القوات، عندها ينكشف الوضع في جنوب لبنان على كل الاحتمالات، وعندها ماذا ستفعل الحكومة؟ هل تواصل ” ديبلوماسية التذاكي”؟

    المصدر :
  • صوت بيروت إنترناشونال