الأثنين 27 شوال 1445 ﻫ - 6 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بين" الاستراتيجية الدفاعية" و"الاستراتيجية الانتخابية"

قد يتجرأ أحد الذين سيؤرِّخون لظروف وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية في تشرين الاول من العام 2016، بعد سنتين وخمسة اشهر من الفراغ الرئاسي، فيكشف ان احد شروط حزب الله لتسهيل هذا الوصول، كان سحب ملف “الاستراتيجية الدفاعية” من التداول طوال فترة عهد الرئيس عون.

التزم “الجنرال” هذا الشرط ، ومَن يراجع مواقفه وحواراته وخطاباته، على مدى السنوات الخمس التي مرت من العهد، لا يجد أثرًا أو ذِكْرًا للاستراتيجية الدفاعية، وهذا ما كان يُرضي الحزب.

فجاةً، ومن دون سابق إنذار، اخلَّ “الجنرال” بالشرط، فطالب بالاستراتيجية الدفاعية، بل ذهب ابعد من ذلك من خلال المطالبة بأن تكون الدولة صاحبة القرار حيث قال حرفيًا:” وحدها الدولة تضع الاستراتيجية الدفاعية وتسهر على تنفيذها”.

هذا الكلام كان يجب ان يُقال في اول العهد لا في آخر عشرة شهور منه، وما قوله اليوم سوى لمزايدته على شريكه في “تفاهم مارمخايل”،السيد حسن نصرالله، وليس لتحقيق الاستراتيجية، فالرئيس يُدرِك قبل غيره ان عهده انتهى وأن الشهور العشرة المتبقية منه لا تتيح له تعيين مأمور احراج فكيف بإنجاز استراتيجية دفاعية؟

الرئيس عون يريد ان يفتح “بازارًا” رئاسيًا انتخابيًا مع حزب الله: يريد ضمانةً ان يؤيد الحزب وصول رئيس التيار الوطني الحر إلى رئاسة الجمهورية.

يريد ضمانةً ان تكون اصواته الإنتخابية في “الدوائر المشتركة” معه، من نصيب لوائح التيار، تمامًا كما حصل في انتخابات 2018.
إذا التزم حزب الله “الاستراتيجية الانتخابية” مع الرئيس عون والتيار الوطني الحر، فإن الرئيس يسحب من التداول “الاستراتيجية الدفاعية”.

لكن هذا “البازار” دونه عقبات. فطبَّاخو انتخابات رئاسة الجمهورية ليسوا في حارة حريك، ورئيس التيار الوطني الحر يُدرِك ذلك، وهو يحاول تنفيذ “ابتعاد مدروس” عن حزب الله، لكن هذه المحاولات لا يُعتَدُّ بها، إذ المطلوب فك ارتباط كامل مع الحزب، وهو غير قادر على القيام به.

وموضوع الانتخابات النيابية يشكل “وجع رأس” حقيقي لرئيس التيار، فكل الأرقام والاستطلاعات التي توضَع على مكتبه تؤشِّر إلى تراجع في شعبية التيار، وحتى شعبيته لدى المغتربين تراجعت ايضًا، وبناء على هذه الاستطلاعات فإن باسيل يحتاج إلى “قوة دفع انتخابية” من الحزب في دوائر جبيل وبعبدا وزحلة والجنوب،وربما غيرها، وما لم يحصل على دعم الحزب، فإن لوائحه في تلك الدوائر ليست في وضعٍ مريح.

هذه المعطيات تُرجِّح أن لا يذهب الرئيس وباسيل بعيدًا في معارضتهما لحزب الله، بل يُتوقَّع أن يحسبا حسابًا ” لخط الرجعة”.
وفي المختصر، باسيل خارج حزب الله كالسمكة خارج المياه، فالتماهي على مدى خمسة عشر عامًا، منذ توقيع “تفاهم مارمخايل” لا تمحوه ” شطبة قلم” كتَب خطاب بعبدا الأخير.