الثلاثاء 14 شوال 1445 ﻫ - 23 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بين " مثلَّث " الرحابنة و " ثلاثية " فائض القوة

رحيل الضلع الثالث من مثلث الرحابنة ، الياس بعد عاصي ومنصور ، تسبَّب بوجع لكلِّ لبناني لأنه ” فتَّح جروحًا ” على ماضٍ جميل يتحسَّر عليه لأنه لن يعود .

وما هو أكثر إيلامًا ان يتلاشى ” مثلَّث لبنان الرحابنة ” فيما يتقدم ” لبنان الثلاثية ” ( الشعب والجيش والمقاومة ) الناجمة عن فائض القوة الذي يُمارسه حزب الله في لبنان .

برحيل الياس الرحباني يشعر اللبناني بأن شيئًا من إرثه الخالد بدا يتلاشى : فالفن حرية ، والمسرح حرية ، والشعر حرية ، والموسيقى حرية ، فمَن له الحق في ان يغيِّر وجه لبنان من اجل إلحاقه بثقافات لا تٌشبهه بشيء وبعيدة كل البعد عن تراثه؟
وُلِد ” لبنان الرحابنة ” بالتزامن مع ولادة استقلال لبنان فواكب السنوات التي تلت من خلال الأغاني والمسرحيات التي تؤرِّخ فنيًا للبنان المعاصِر :

من ” موسم العز ” إلى ” ايام فخر الدين ” ” جبال الصوان ” إلى ” جسر القمر ” إلى ” يعيش يعيش ” إلى ” عودة العسكر” إلى ” بترا ” إلى ” المؤامرة مستمرة ” إلى ” الربيع السابع “.

كان كل عنوان لمسرحية يؤرِّخ لمرحلة معينة من تاريخ لبنان المعاصر ، وكان الجامع المشترك بين كل هذه المراحل أنها من العصر الذهبي للبنان . وكم هو موجِع القول إن جزءًا من لبنان كان يتهاوى مع سقوط ضلعٍ من هرم الرحابنة ، كأن احد اعمدة بعلبك يهوى .
*
رحيل الياس الرحباني يجب ان يُحفِّز الشباب ، وهم قوة الدفع في المجتمعات ، على ان يُبقوا في ذاكرتهم الجماعية هذا اللبنان الذي هو لبنان الحقيقي لا لبنان الذي يحاول البعض ان يطمس تاريخه ويشوه حاضره ويقضي على مستقبله .

والذاكرة الجماعية للمحافظة على لبنان الزمن الجميل ليست مجرد كلام عابر يمر في تغريدة على ” تويتر ” او في ومضة سريعة على مواقع التواصل الإجتماعي ، إنها مطالبة بتعريف جيل الشباب وتثقيفه على هذا التراث الغني الذي هو المُعبِّر الحقيقي عن لبنان الحضاري الزاخر بالكنوز الفكرية وليس بعدد الصواريخ غير الشرعية .

مطلوبٌ من جيل الشباب الا يقبل إلا بهذا اللبنان ، وهذا الهدف لا يتحقق بالشعارات بل بالمثابرة ، الم يثابر الرحابنة لأكثر من نصف قرن على ” لبنانهم ” الذي بنوه قصيدةً قصيدة واغنية أغنية ومسرحية مسرية ، والذي أحبه كل اللبنانيين ولم يعرفوا قيمته إلا بعدما فقدوه وبعدما غاب الرحابنة … صانعوه ؟