الجمعة 16 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

" تفاهم " مارمخايل التاريخ لا يعيد نفسه

” لم ينجح تفاهم مارمخايل في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون ” !

لم تكن هذه الجملة التي وردت في بيان المجلس السياسي في التيار الوطني الحر ” ، في الذكرى الخامسة عشرة لتوقيع ” تفاهم مارمخايل ” ، كصاعقة في سماء صافية ” بل هي تراكمات على مدى 15 سنة ، وشاء التيار ان يفتح ملف الفشل على مصراعيه ، ولكن بأي خلفية ولأي هدف ؟

لا يمكن عزل هذا الموقف للتيار عن السياق العام للتطورات ، وعندما نتحدث عن التيار فتلقائيًا نتحدث عن جبران باسيل الذي اختزل التيار بشخصه ، فهو ” الآمر الناهي ” في التيار .

وهنا يُطرَح السؤال : ماذا يريد جبران باسيل من حزب الله ؟ ولماذا صوَّب على التفاهم ؟

بداية ، لا بد من التذكير أن التفاهم وقَّعه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر(آنذاك) العماد ميشال عون في 6 شباط 2006 .

وهما مسؤولان عن تطبيقه من 2006 إلى 2016 ، أي على مدى عشر سنوات ، إلى ان اصبح العماد عون رئيسًا للجمهورية فتولى رئاسة التيار جبران باسيل .

في ” حسبة بسيطة “، مسؤولية العماد عون هي عن السنوات العشرة الأولى ، ومسؤولية جبران باسيل هي الخمس سنوات التي تلت وصولًا إلى اليوم ، هذا يعني انه حين يتحدث التيار عن ” فشل ” ، فهو من حيث يدري او لا يدري ، يحمِّل الموقِّعَيْن مسؤولية السنوات العشر ، فهل هنا يحمِّل جبران باسيل جزءًا من المسؤولية للعماد عون في فشل التفاهم ” في مشروع بناء الدولة ” ؟

هذا السؤال يستدرج سؤالًا ثانيًا : هل يقصد النائب باسيل وجوب تجديد التفاهم ، فيكون هو الطرف الثاني بصفته رئئيسًا للتيار ؟ وهل يكون تجديد التفاهم مشروطًا بأن يدعم حزب الله وصول باسيل إلى رئاسة الجمهورية بعد عشرين شهرًا ؟ وكأنه يقول لهم بصريح العبارة : ” نجدِّد التفاهم إذا دعمتموني للوصول إلى رئاسة الجمهورية ” .

باسيل بهذا الشرط يكون يستنسخ تجربة عمِّه ، العماد عون ، فتفاهم مار مخايل شكَّل ” الناخب الأول ” في انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية ، وتجديد تفاهم مارمخايل يريده النائب جبران باسيل ” الناخب الأول” في انتخابه رئيسًا للجمهورية .

لكن على رغم مرور خمسة عشر عامًا على توقيع التفاهم فإن قراءةً في بنوده تُظهر أن معظم البنود الأساسية لم يُطبَّق منها شيئًا ولم تُحترَم ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، ورد في بند ” في الاغتيال السياسي:

” إن كل شكل من أشكال الاغتيال السياسي هو أمر مدان ومرفوض لتناقضه مع الحقوق الأساسية للإنسان، ومع أهم ركائز وجود لبنان المتمثلة بالاختلاف والتنوع، ومع جوهر الديموقراطية وممارستها.من هنا، فإننا بقدر ما ندين عملية اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وصولاً الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدّد على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسمياً وصولاً الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي أمر لا يمكن إخضاعه لأي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وإنزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير ” .

التفاهم يدين اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، لكن المحكمة الدولية كشفت ان قياديًا في حزب الله هو الذي اغتال الرئيس رفيق الحريري .

ورد في التفاهم ” ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا”

لكن لأنعاش الذاكرة يرفض حزب الله هذا الترسيم ويعتبره مطلبًا اميركيًا .

ورد في التفاهم : ” مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من أجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ” ، فاين أصبحت هذه المطالبة ؟

ورد في التفاهم : ” إجراء مسح شامل لمكامن الفساد، تمهيداً لفتح تحقيقات قضائية تكفل ملاحقة المسؤولين واسترجاع المال العام المنهوب. ” أين اصبح هذا المسح ؟

ورد في التفاهم ” حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل تتطلّب عملاً حثيثاً من أجل عودتهم الى وطنهم آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع؛ لذلك نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم ” .
” سريعًا ” ؟ مر هلى هذا الوعد 15 سنة ، فأين أصبح ؟

من خلال كل ما تقدَّم ن يظهر بما لا يقبل الشك أن البنود المعلنة لم يُطبق منها أي بند ، فيما البند غير المعلن هو الذي طُبِّق وهو إيصال العماد عون إلى رئاسة الجمهورية ، فهل يراهن النائب جبران باسيل على مقولة ان ” التاريخ يعيد نفسه ” ؟
يقول ماركس: ” التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة ” .

فهل قدر لبنان أن ينتقل من الماساة إلى المهزلة ؟