الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حقائق حول استشهاد عناصر "إطفاء بيروت": من قذفهم بمحرقة المرفأ؟

لا أحد يحسد القاضي طارق البيطار على تسلّمه مهمّة المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، خلفاً لسلفه القاضي فادي صوّان الذي أقصته محكمة التمييز الجزائية عن الملف، استجابة لطلب الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر بدعوى “الارتياب المشروع”.

تحدّيان أساسيان

ليس بالضرورة أن ينسحب نجاح البيطار في محكمة الجنايات، على تحقيقاته في انفجار مرفأ بيروت، فالرجل “الانتحاري” الذي تلقف كرة نار بإرادته، ينتظره تحديان أساسيان، الأول إمكانية الاصطدام مجدداً بالمنظومة السياسية التي أطاحت بسلفه، إذا تجرّأ على مقارعتها أو ملاحقة بعض رموزها وأزلامها في الإدارات والمؤسسات الأمنية، والثانية تكمن في سدّ بعض الثغرات التي اعترت عمل صوّان، وإهمال الأخير لوقائع حصلت ولم يقاربها بشكل واقعي، وأهمها عدم البحث الأسباب التي أدت إلى استشهاد عناصر فوج إطفاء بيروت.

ويتجه ذوو شهداء فوج الإطفاء إلى إعادة طرح سبب استشهاد أبنائهم كأولوية في عمل المحقق العدلي الجديد، عبر مذكرات سيتقدّم بها وكلاؤهم القانونيون فور استئناف القاضي بيطار تحقيقاته، وهم سيضعون بمتناوله الكثير من الحقائق، عمّا يشبه استدرج هؤلاء الى حريق المرفأ ليكونوا وقوده قبيل دوي الانفجار وتحويلهم الى جثث متناثرة.

أين سرية إطفاء المرفأ؟

تركّز مذكرة وكلاء أهالي شهداء الإطفاء على مفارقات حصلت لا بدّ من التوقف عندها، وهي أنه قبل حصول الانفجار المشؤوم، اندلع حريق في العنبر رقم 12، اتصلت غرفة عمليات قوى الامن الداخلي بفوج اطفاء بيروت حيث سارعت الفصيلة المناوبة فيه الى تلبية نداء الواجب، وتوجهت آليات الاطفاء والاسعاف وفيها 10 عناصر الى موقع الحريق، رغم وجود سرية إطفاء داخل المرفأ تابعة لإدارته يفترض بها أن تتولى عملية إطفاء الحريق، أو تبدأ عمليات الإطفاء قبل الاستعانة بفوج إطفاء بيروت، ووفق المذكرة التي يزمع أهالي الشهداء إعدادها، فإن الحريق بقي مشتعلاً لأكثر من نصف ساعة قبل وقوع الانفجار، ولم يبادر أحد خلال هذه المدة الزمنية، إلى إبلاغ عناصر إطفاء بيروت بوجد مواد خطيرة وقابلة للانفجار في العنبر رقم 12، ولم يتبرّع أحد إلى تنبيههم بأنهم يواجهون الخطر الشديد.

باب جهنّم

لقد أظهرت الصور التي التقطها بعض “مغاوير” الإطفاء وأرسلوها إلى ذويهم قبل وقوع الانفجار المدّمر، كيف كان هؤلاء يحاولون بكل عزم وعبر براءتهم المعهودة، فتح “باب جهنم” على أنفسهم، من دون أن يكبّد أي مسؤول نفسه عناء الاتصال بقيادتهم لتحذيرهم مما يوجد في العنبر، وتشير مصادر وكلاء ذوي الضحايا إلى أن “المرجعية الرسمية المسؤولة عن عناصر الإطفاء الشهداء، كانت غائبة كلياً عن السمع، ومن الثابت أن العناصر العشرة عندما وجدوا الحريق الذي جرى استدعاؤهم لإخماده كبيراً، فاتصلوا بمقر قيادة فوج الاطفاء وطلبوا إرسال الدعم، وكان يفترض في هذه الحالة، أن يبادر المسؤولون عنهم الى الاستفهام عن طبيعة الحريق والمكان الذي يحترق وموجوداته، والعمل على توجيه العناصر على الأرض.

المسؤولية المباشرة

وبرأي هؤلاء “لو تم ذلك فعلاً، أي ولو أبلغ أحدهم العناصر الشهداء بما هو موجود في العنبر، كان بإمكانهم الانسحاب من الموقع والعمل على إخلائه فوراً، وكان بالإمكان أيضاً العمل على اخلاء المرفأ ومحيطه وقطع الطريق العام والاوتوستراد، كل ذلك كان ممكناً خلال ما يزيد عن نصف ساعة مصيرية من الزمن سبقت الانفجار”.
ويذكّر هؤلاء بأن “دور فوج الاطفاء يقتصر على مساندة سرية اطفاء المرفأ، فلماذا قام فوج الاطفاء بعمل سرية اطفاء المرفأ التي لم يتم ذكرها بأي تقرير؟، علماً أن المسؤولة المباشرة تقع على عاتق عن سرية إطفاء المرفأ، وعند خروج أي حريق عن السيطرة يتم الاستعانة بفوج الاطفاء وبالدفاع المدني”، معتبرين أن “الذين كانوا مطلعين على التقارير الامنية التي وصفت موجودات العنبر رقم 12 ومحتوياته، فضّلوا التضحية أو المخاطرة بعناصر الاطفاء لكي يخمدوا الحريق، مراهنين على امكان السيطرة على ذلك الحريق وعدم الوقوع في الكارثة”.

أين دور المحافظ؟

أمام هول الكارثة التي لحقت بهم يسأل ذوو ضحايا فوج الإطفاء: “لماذا لم يبلغ المسؤولون عن فوج الاطفاء العناصر الشهداء بما يوجد في عنبر الموت؟ ولماذا السكوت عن هذا الجانب من الملف؟، من هم المسؤولون الذين كانوا يعلمون بوجود نترات الأمونيوم وخطرها، وكان يفترض بهم إبلاغ فوج الاطفاء ولَم يفعلوا؟، هل كان وزير الداخلية الذي يرأس مجلس الأمن المركزي على علم بالأمر؟، هل كان محافظ بيروت مروان عبود المقرّب من رئيس الجمهورية ميشال عون، والمحسوب سياسياً على رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، من بين “المعنيين” الذين أبلغهم الرئيس عون بمضمون تقرير أمن الدولة الذي وصله بشأن الخطر الموجود في المرفأ؟، هل كان المحافظ أحد المسؤولين الذين طُلب منهم اتخاذ ما يلزم لمنع الانفجار؟”.

كل هذه المعلومات تلقي اليوم بثقلها على المحقق العدلي الذي يفترض به أن يخضعها للتحقيق والتدقيق، لتبيان الحقيقة وتحديد المسؤوليات، ومعاقبة من تسبب باستشهاد عناصر فوج الإطفاء، وعشرات الشهداء الآخرين، وكان بإمكانهم تقليص عدد الضحايا لو كان هؤلاء المسؤولون على قدر المسؤولية.