الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

دولار السلطة الفاسدة يلهب الشارع... واهل السلطة يلهثون خلف "الجبنة"

انفجر صاعق الغضب الشعبي على امتداد الـ10452 كلم²، شرقاً وشمالاً وجنوباً وبقاعاً وساحلاً، فاشتعلت “جهنم” على أرض الواقع بعدما كوت بنيرانها اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف، على مرأى ومسمع من أركان المنظومة المتحكمة برقاب الناس بقوة القهر والإجرام.

هي انتفاضة “لا تسكتوا” التي دعا إليها البطريرك الماروني بشارة الراعي اللبنانيين، بعدما لمس بالجرم المشهود إمعان أهل الحكم في غيّ محاصصاتهم السلطوية على حساب هموم البلد وأبنائه، وما مشهدية النيران المشتعلة في كل الساحات والاتجاهات سوى دليل على أنّ المواطنين كفروا بحكامهم، وقرروا “ألا يسكتوا” بعد اليوم في مواجهة سلطة “حرامية” سرقت أموالهم وآمالهم وتركتهم يقاتلون الفقر والجوع باللحم الحي.

وتفجّر الغضب بفعل جنون سعر الدولار الذي تجاوز العشرة آلاف ليرة وتدهور قيمة العملة الوطنية، ما أعاد مشهد الشارع الى ثورة 17 تشرين الاول 2019 التي يبدو انها تجدّدت وقد تكون هذه المرة اكثر عنفاً في ظل استمرار عجز السلطة عن لجم الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي بلغ مستويات خطيرة، وتلهّي المنظومة السياسية بنزاع حول حكومة لم تولد بعد. وبَدا المشهد أمس انّ البلد على نار ويحترق او هو على فوهة بركان، فيما الحكومة الموعودة في الثلاجة تنتظر توافقاً يعوقه تضارب المصالح بين المعنيين غير العابئين بما يصيب الناس من جوع ومن فقر طرق أبوابهم بشدّة ما دفعهم للنزول الى الشارع. وقد دلّت التحركات الشعبية أمس الى أنّها ستشهد فصولاً متلاحقة ستغيب معها كلّ الدعوات وكل الشعارات الداعية الى حلول في الداخل او من الخارج، خصوصاً أنّ المعنيين أثبتوا بالدليل القاطع أنهم لا يقيمون للبلد ومصيره أي اعتبار، وأنهم مستعدّون لدفاع مستميت عن مصالحهم حتى لو تحوّل البلد رماداً، مُمعنين في التصرف وكأنه في ألف خير؟!

ولا يحتاج المسؤولون الرسميون من اعلى الهرم بدءا برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ومن ثم بالتتابع الرئيس المكلف سعد الحريري ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية والكتل النيابية الى طواقم المستشارين لكي يدركوا تمام الادراك ان ما جرى في الساعات الأخيرة في “لبنان مقطع الأوصال ” تنتشر الإطارات المحترقة على طرقه وأوتوستراداته ويظلل فضاءه وسماءه دخان اسود قاتم وملوث لهوائه وتحتشد مجموعات المحتجين على كل الطرق  إنما يشكل النذير المتقدم للغاية لاستعادة انتفاضة، ربما تكون هذه المرة اخطر الانتفاضات لانها صنيعة الجوع والفقر اللذين لم يكونا بهذا المستوى المخيف لدى اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، ولا كان منسوب الاحتقانات المتراكمة بفعل الازمات المتلاحقة والافتقار المتعاظم والقصور السياسي الخيالي وانكشاف الفساد بأسوأ مظاهره اطلاقا، ولا كان حصل الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت مع ما تركه من تداعيات مخيفة، ولا كان الانتشار الوبائي تشظى بأسوأ النتائج الكارثية المأسوية على اللبنانيين والواقع الصحي والطبي والاستشفائي كلا.