على خطين متوازيين، يلتقيان في أبعادهما الجيوسياسية، يسير ”الترسيم” الحدودي والحكومي في البلد بسلام ووئام تحت مظلة الزخم الغربي الراعي للترسيمين. فعلى السكة الحدودية ينطلق قطار التفاوض العملي مع إسرائيل اليوم في الناقورة بعد جلسة أولى تعارفية استهلالية بين الوفدين المتفاوضين والوفدين الضامنين للمحادثات. وكذلك على السكة الحكومية، تسير عجلات التأليف بسلاسة ملحوظة باتجاه بلوغ محطة التشكيل، وإن كان هاجس الارتطام بلغم مباغت في أي لحظة لا يزال حاضراً في الأذهان قياساً على التجارب التاريخية مع الطاقم الحاكم.
غداً يكون قد مضى أسبوع كامل على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، أعلن انها ستكون «وزارة مهمة» تستمد برنامجها من المبادرة الفرنسية، وجلّ وزرائها، بصرف النظر عن العدد من «الاخصائيين» غير الحزبيين، وان لم تعترض على تسميتهم الكتل النيابية، الممثلة للطوائف المشمولة بالدستور، أو هي التي اقترحت اسماءهم.
واتسم الاجتماع الأوّل، والثاني، وكذلك الثالث، بالإيجابية خلال التداول الجاري بين الرئيسين في الحكومة:
- العدد (14 أو 20 وزيراً).
- الهوية: اخصائيون أم تكنوسياسيون.
- البرنامج: إصلاحات المبادرة الفرنسية أم سلسلة أخرى من الإصلاحات التي تستعد بعض الكتل لتقديمها إلى المجلس النيابي، عبر الحكومة أو عبر عشرة نواب (اقتراح قوانين).
ولكن القضية التي تشغل الأوساط المعنية هي: متى تترجم الإيجابيات دخاناً أبيض إيذاناً بإعلان المراسيم، والانصراف إلى الخطوة الثالثة، المتعلقة بالبيان الوزاري.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ما الخلفية الكامنة وراء هذه السرعة الخيالية في التأليف؟ وهل السبب مردّه الى الأزمة المالية الخانقة التي لم تعد تحتمل الانتظار والتسويف؟ أم أنّ السبب الحقيقي مردّه إلى الانتخابات الأميركية ووجود رغبة محلية بولادة الحكومة قبل هذه الانتخابات، خشية ان تنقلب الأمور رأسا على عقب من بعدها؟
ولا يمكن التوسُّع في التحليل في هذه المسألة قبل معرفة ما إذا كانت ستُشكّل الحكومة قبل نهاية هذا الأسبوع، من أجل ان يُبنى على الشيء مقتضاه، ولكن حتى اللحظة كل المؤشرات تفيد انّ الأمور ذاهبة في هذا الاتجاه، خلافاً لكل جولات التشكيل السابقة.