“رجعت الشتوية” واكتملت دورة فصول سنة كاملة من العجز والفشل والدوران في حلقة حكومية مفرغة منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة تحت وطأة انتفاضة الشعب اللبناني ضد منظومة الفساد. خريف طويل مرّ على الخزينة تساقطت فيه مقدرات الدولة وأوراقها النقدية على رصيف تسويف المبادرات وتهريب الدولارات، واليوم بعد إسدال الستارة على حكومة “الماريونيت” التي ابتدعتها وحركتها أصابع الأكثرية الحاكمة، يتأهب أهل الحكم لخوض تجربة منقّحة من محاصصة “الاختصاصيين” على المسرح الوزاري حيث ”من عجائب” هذا المسرح أنّ “الذين لم يسموا سعد الحريري باسثناء القوات هم اليوم الذين يتقاسمون المقاعد ويتحضرون للاستيلاء الكامل على السلطة بكل فروعها الأمنية والقضائية في مخطط الإلغاء والعزل والانتقام”، حسبما نبّه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الرئيس المكلف أمس… “ولذا يا شيخ سعد من موقع الحرص على الطائف إنتبه لغدرهم وحقدهم التاريخي”.
انشغل اللبنانيون، مثل سواهم من العرب، وحتى الأوروبيين والاسيويين، تسقط الأنباء عن مجريات اليوم الانتخابي الكبير.
الاهتمام بالانتخابات الرئاسية الاميركية التي بدأت امس، وما ينسج حول نتائجها من رهانات لبنانية وإقليمة ودولية، لم يحجب ما يواجه عملية التأليف الحكومي من عثرات وعقبات على رغم كل الاجواء الايجابية التي تُشاع او يتعمّد البعض إشاعتها والتلميح بولادة الحكومة العتيدة وَشيكاً. وفيما ستتجه الانظار الى بعبدا اليوم، حيث سينعقد لقاء جديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يتناول آخر ما توصّلت اليه محاولات التأليف، فإنّ الاوساط الشعبية غير مقتنعة بأنّ هذه الطبقة السياسية المسؤولة عن الكارثة التي حلّت بالبلاد ستؤلّف حكومة الانقاذ الموعودة، وإنما ستؤلّف حكومة محاصصات جديدة كسابقاتها يفضحها من الآن التنافس والتنازع على الوزارات الدسمة السيادية منها وغير السيادية، وانّ المداورة في توزيع هذه الوزارت التي أُريد إجراؤها ها هي تفشل بفِعل المطامع المتبادلة، والرغبة في جعل الحكومة العتيدة في خدمة المصالح الانتخابية، وربما الرئاسية لمختلف القوى السياسية التي بدأت تستعد من الآن لسنة 2022، التي ستكون سنة الاستحقاقات الانتخابية والحكومية والرئاسية.