الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان جزء من منظومة تفاهمات دولية.. فهل يربح أم يخسر؟

إن الطريقة التي تُدار بها مفاوضات فيينا 2021 بين الغرب و إيران، تشبه إلى حد كبير مفاوضات عام 2015، التي أفضت في نهاية المطاف إلى توقيع إتفاق روحاني – أوباما، الذي وُصف آنذاك بالمشؤوم، ليأتي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وينسحب منه.

وحين يستعرض المتتبع لمسار المفاوضات هذا الزخم السياسي والإعلامي المرافق لهذا الحدث، من حيث سلبية التصريحات وعدم تفاؤل المسؤولين عن العملية التفاوضية، لا يجد جديداً يذكر، فالأسلوب ذاته تم إعتماده سابقاً، و فجأة أُعلن عن توقيع الإتفاق.

ولدى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فلسفتها الخاصة في تبرير سعيها لتوقيع الإتفاق النووي مع إيران، و لعل الكلام الأخير لـ جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، يشرح كل تلك الفلسفة غير المعقدة و يوضحها، فهذه الإدارة الإنسحاب من الإتفاق – من وجهة نظرها – هو من أطلق يد طهران في الإستمرار بإستكمال برنامجها النووي المزعوم.

وبراغماتية الغرب المخيفة و غير المفهومة، تجاه العجلة بتوقيع الإتفاق، مردها حسابات إنتخابية و أجندات حزبية، مرتبطة برأس مال يسير صناع القرار في أوربا وأمريكا، و في الوقت نفسه تتعرض الشراكة العربية الخليجية مع أمريكا والغرب لإختبار حقيقي، في حال تم إعادة الإتفاق السابق، سيما وأن قمة الخليج العربي الأخيرة في الرياض، شددت في بيانها الختامي على ضرورة إشراك دول المنطقة في أي عملية تفاوضية مع نظام الملالي.

وبعد عام تقريباً على تولي بايدن السلطة في الولايات المتحدة، بدت هذه الإدارة سلبية للغاية حيال التدخلات الإيرانية، بل عمدت إلى تخفيف العقوبات عن إيران دون مقابل، و جاملتها على حساب أمن المنطقة و حتى أمن الملاحة والتجارة الدولية.

ولعل العراق الضائع بين دولة القانون ودويلة الكاتيوشا، هو شاهد قديم جديد على التالي: إذا كانت أميركا لا تستطيع وقف هجمات الكاتيوشا على سفارتها في العاصمة بغداد، فكيف تستطيع وقف البرنامج النووي الإيراني من خلال الإتفاق العتيد؟

وفي ظل الميليشيات الإيرانية – التي هي أخطر على دول المنطقة من أي شيء آخر – تتحول البلدان التي تعبث بأمنها تلك الميليشيات إلى ما يشبه الطائرة المخطوفة بكل معنى الكلمة، فالإقتحام لتحرير الرهائن مكلفٌ جداً والخضوع باهظٌ للغاية.

وأصبحت دول مثل دولة اليمن على سبيل المثال لا الحصر، والتي يسيطر عليها عناصر إنقلابيون من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، دولة بلا قرار، وأشبه ما تكون بجسد مقطوع الرأس، لا حراك لها وحل يلوح بالأفق، والسبب واضح ومعروف.

وحتى أوروبا في مسألة التفاوض مع إيران باتت رهينة، ولا خيار أمامها غير العودة لإتفاق سابق، بعد تنصل أمريكا منه، مع أن بعض دولها كفرنسا على سبيل المثال، حريصة على إشراك دول المنطقة بأي تفاوض، غير أن أوربا تندفع حيناً لإسترضاء الممسكين بحنفيات المهاجرين والغاز فضلاً عن الارهاب، وحالها في ليالي ” الفُرس ” بفيينا، ليس بأفضل حال من أحوالها السابقة والآتية.

وكما يتوقع الخبراء شتاءً أوروبياً قاسياً برفقة كورونا، هل الديمقراطيات الغربية يا ترى باتت ضعيفة في مواجهة الأوبئة الإرهابية والميليشياوية، التي تفتك بجسد الإقليم والعالم، على وقع إتفاقية مزمعة، وغير منصفة في شكلها ومضمونها، كونها توفر للغرب مسكنات ألم، و تترك دولاً في العالم العربي مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان، تحت و طأة التنازلات لصالح فيروس الميليشيات الإيرانية.