السبت 10 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مبادرات وعقوبات وطابور وبَيطار

بدأت قصة “طفلة الأوكسيجين” بفيديو مؤثر ومستفز حقًّا للمشاعر الإنسانية عبر “يوتيوب” صوَّره بنيّةٍ طيبةٍ والدُها اليائس والمتوسل “التأثيرَ القوي” لوسائل التواصل الاجتماعي لحل مشكلة ابنته التي تعاني مرض الربو وكان يحملها بيدٍ وهي تضع قناع التنفس المتدلّيةَ منه أنابيبُ تصل إلى آلة يحملها باليد الأخرى ويناشد الناس إغاثة ابنته لأن شحنة بطاريات الآلة تكاد تنفد بسبب الانقطاع التام للتيار الكهربائي… وانتهت القصة بإشاعة عن موت الطفلة تسببت باشتباكات مع الجيش اللبناني وتسعير حالة غليان تضرب الشارع الطرابلسي منذ زمن ربما يكون وراءها الطابور الخامس نفسه الذي أوعز في 29 كانون الثاني الماضي بإحراق مبنى البلدية والاعتداء على منشآت رسمية وخاصة في طرابلس خلال أحداث عنيفة اندلعت فيها.

وسائل التواصل كانت عند حسن ظن الوالد، فلعبت دورها وأدت إلى نهاية سعيدة لـ”طفلة الأوكسيجين” تمثلت بتلقي والدها جهاز تنفس على الطاقة الشمسية ووعد بمولد كهربائي يتسلمه قريبًا ولكن… أي “وسائل” هذه التي تستطيع إنقاذ المدينة المنكوبة، بل الوطن بأسره مما أوقعته فيه حبائل شر الطبقة الحاكمة؟

وبعد فشل المبادرة الفرنسية الخاصة بلبنان وتبنّي باريس بتشجيع أميركي مبادرة جديدة لا يُتوقع أن يكون حظها أفضل من سابقتها، نوقشت في اجتماع وزيري خارجية أميركا أنتوني بلينكن وفرنسا جان إيف لودريان في باريس يوم 25 حزيران الفائت كبند في جدول أعمال مزدحم بأخرى كثيرة، منها: تقوية الشراكة بين البلدين، والموضوع الليبي، ومحادثات الأميركيين مع إيران، وانسحابهم من أفغانستان، والتوسع الصيني… جاء ذكر لبنان في المؤتمر الصحافي المشترك في عموميات عن حاجة لبنان “إلى قيادة حقيقية”، وأن “باريس وواشنطن ستتحركان معًا للضغط على المسؤولين في لبنان”، والله وحده يعلم كم سيبقى “كمّون” اللبناني على وعد الخلاص من سلطة فاسدة غارقة في ترّهات وسفسطات كلامية حول “وزارتَي المال والخارجية” و”المداورة” و”الوزيرين المسيحيين” و”الاعتذار”… ويتحكم بها سلاح محورٍ يمتد من طهران إلى غزة ويجمّد الأوضاع انتظارًا لـ”تفاهمات” تهب مع ريح “جنيف-لبنان”، ولن يرخي قبضته الحديدية قليلًا إلا قبل الانتخابات النيابية بشهرين أو ثلاثة للإفساح في المجال لـ”حكومة انتخابات”، فيما أبلغ وزير خارجية الشقيقة والصديقة السعودية فيصل بن فرحان نظيريه “بلينكن-لودريان” على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الـ20 في ماتيرا الإيطالية تحت عنوان “القضاء على الجوع في العالم بحلول عام 2030″، بقاء بلاده على نهج عدم التدخل في المسألة اللبنانية (وهو ما تبلّغته السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا من السفير السعودي وليد البخاري خلال زيارتها إياه في مقر إقامته في اليرزة)، وأجمع الوزراء بعده على ضرورة تنفيذ “القادة اللبنانيين الإصلاحات لاستقرار الاقتصاد وتوفير الإغاثة للشعب اللبناني” وفق تغريدة لبلينكين.

وعليه، فإنّ جل ما سيستغله الجانب الغربي في الوقت الضائع، “القاتل” والمذل للبنانيين والحارق لأعصابهم وأموالهم، سيكون مزيدًا من تقوية الجيش، ودعم مكونات الحراك المدني والثورة استعدادًا لتغيير ما في الانتخابات النيابية المقبلة يستنسخ أو يحاكي نصر “النقابة تنتفض”، ومزيدًا من محاصرة رجالات الطبقة الحاكمة بعد عقوبات وزارة الخزانة الأميركية في 6 تشرين الثاني 2020 على الثلاثي “باسيل-خليل-فنيانوس” وفرض وزارة الخارجية الفرنسية في 29 نيسان 2021 قيودًا على دخول شخصيات لبنانية أراضيها، من دون الإشارة إلى أسماء الشخصيات وعددها أو نوع القيود عليها، وهو ما سرّبته مجموعة إعلامية فرنسية شهيرة نشرت أن عدد الشخصيات 33، وأنها أُبلغت شفويًّا بالقرار، وأن منها: إلياس بوصعب وسليم جريصاتي، وذلك بعد تلقي الرئيس الفرنسي رسالةَ أكثر من مئة شخصية لبنانية (منهم كريم إميل بيطار وغسان سلامة وبولا يعقوبيان) في مطلع الشهر نفسه تحضه على تجميد الأصول المشبوهة للمسؤولين في فرنسا.

وفي درب العذابات التي كُتب على اللبنانيين سيرها، تستمر مسرحية إخفاء المواد الأساسية لرفع ثمنها ثم رفع الدعم عنها، وكان آخرها المحروقات، التي لمّا تكتمل فصولًا بعد، وستشهد ارتفاعات أخرى في أسعارها طالما بقي سعرها في سوريا أغلى من لبنان، وسيستمر التهريب، وتتكرر اليوم مع الدواء بعد اجتماع بعبدا، مع إلهاء الشعب بالأخبار المزيّفة من وقت لآخر، كإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري في الجلسة التشريعية التي عقدت الأربعاء 30 حزيران، عن “موافقة مرجحة بحصول لبنان على 900 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لحساب مصرف لبنان في 23 أيلول المقبل”، والتي ناقشت 73 مشروع واقتراح قانون أبرزها البطاقة التمويلية، التي تسببت بانسحاب نواب تكتل الجمهورية القوية من الجلسة اعتراضًا على تمويلها من احتياطي مصرف لبنان، أي من أموال الناس، وعلى رفْضِ بري مطالبة التكتل بجلسة مناقشة عامة الأسبوع المقبل، وهو رفض قد يكون بري قَصَدَ به التهربَ من فتح موضوع كتاب النيابة العامة التمييزية برفع الحصانة عن النواب والوزراء السابقين للمال علي حسن خليل والأشغال غازي زعيتر (يتبعان حركة “أمل”) والداخلية نهاد المشنوق، بقرار من المُحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، الذي أحدثت كتبُه الموجهة في جميع الاتجاهات الأسبوع المنصرم صدمة في لبنان، إذ وجّه كتاباً إلى نقابة المحامين في بيروت لاعطاء الاذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، وإلى نقابة المحامين في طرابلس بتصحيح الادعاء على الوزير السابق يوسف فنيانوس، وادعى على قائد الجيش السابق جان قهوجي ومدير المخابرات السابق كميل ضاهر وكل من العميدين المتقاعدين في مخابرات الجيش غسان غرز الدين وجودت عويدات، وأكد استدعاء الرئيس دياب للتحقيق، كما طلب منه الإذن بملاحقة مدير عام أمن الدولة طوني صليبا، ومن وزير الداخلية محمد فهمي الإذن بملاحقة مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم… فهل يكون مصير القاضي البيطار الإبعاد عن الملف كسلفه صوان؟