السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل أقفل الخليج العربي كتاب إساءة العونيين له؟

إن الطريقة التي أراد من خلالها سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري الرد على إساءة وزير خارجية اللبناني المتنحي شربل وهبة، كانت طريقة دبلوماسية رصينة جداً، فالسفير الذي يمتاز بعلاقاته الوطيدة مع مختلف مكونات الشعب اللبناني، قرر إستقبال الوفود اللبنانية التي توجهت نحو دارته في منطقة اليرزة، داخل خيمة عربية مليئة بعبق التاريخ و الإرث الحضاري لدول الخليج العربي التي تنافس بخدماتها لمواطنيها أرقى دول العالم.

المشهد الذي خلفته عبارات الوزير اللبناني غير الموفقة، شرح للعالم كله عظمة ما يجري في دول عربية خليجية قوية مثل السعودية والإمارات، فالبلدان تعاملا مع المسألة بنفس سياسي عميق، مزج بين الحرص على لبنان الدولة والمجتمع، وتسليط الضوء على الممارسات التي تضر بعلاقات الشعوب الأخوية، وحتى الإعلام الغربي تأثر ولو بشكل محدود، بأصداء ذلك الحراك السياسي والدبلوماسي والإعلامي، و التعاطي جاء في إطارٍ إيجابي يركز في الشكل والمضمون على النهضة العمرانية والإقتصادية وحتى الإجتماعية والثقافية داخل دول مجلس التعاون الخليجي العربي.

فمنطق الإعمار وتقديم الجيد والأجود للإنسان هو النهج الأمثل الذي قامت عليه تلك الدول، ولعل كلمة الشيخ زايد رحمه الله الشهيرة: شعوبنا تستحق كل الخير، هي الكلمة التي تتلاقى مع طموحات المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز رحمه الله حين قا : إن خدمة الشعب واجبة علينا، لذلك نخدمه بعيوننا وقلوبنا.

لايضير العرب الخليجيين أصولهم البدوية التي يفخرون بها، فهم أهل الكرم الذين فتحوا أبواب بلدانهم لإخوتهم العرب كي يعملوا و يكسبوا رزقهم، و ساروا على نهج الأخلاق العربية الأصيلة التي تمثل في شكلها ومضمونها التصرف السليم للعربي السوي، وحتى الوزارات المعنية بالشأن التاريخي والثقافي في دول الخليج العربي، لا تزال تجتهد في إظهار ذلك الموروث الحضاري الذي تميزت به منطقة الجزيرة العربية، فالسعودية حين ترأست قمة العشرين العام الماضي، ذهبت بعيداً في تعريف العالم كله بطبيعة الحياة البدوية، و الجمال الذي تحتوي عليه من خلال الصناعات اليدوية وغيرها، فضلاً عن شعار القمة الذي تزين بما يسميه السعوديون بـ السدو، ولايمكن لصناع المستقبل أن يسيروا في طريقه، دون الرجوع إلى الماضي التليد، الذي نشأت عليه أجيال من العرب، ليحمل الراية الأبناء والأحفاد وهم يصنعون المجد حين يصعدون إلى الفضاء، و يرسلون إليه مسبار الأمل الذي صنعته الإمارات العربية المتحدة بجهود مواطنيها الأكاديميين.

ولعل الحديث مجدداً عن خيمة السفير التي روت لنا كعرب الكثير، يجعلنا أمام مفهوم التسامح و الحوار الذي يعلي من شأن العقل، و يستفيد من الأزمات ليخلق منها فرصاً جدية تعزز المعرفة و التوضيح لأشياء تغيب عن أذهان الآخرين، و أجمل ما يستوقفني في المجال ككاتب عربي يقيم في أوروبا منذ سنوات، هو عبارة صديقي السويدي الذي عاش في الإمارات والسعودية مدرساً لسنوات، حين أخبرني أن سهولة وصول المواطن لحكامه في هاتين الدولتين، أمرٌ يعكس بجلاء ووضوح قرب الحاكم من المحكوم، لأن صورة الحكم الرشيد القائم على مفهوم ديمقراطي خاص، ربما تتفوق أحياناً على رتابة المفاهيم الديمقراطية المعاصرة في الغرب نفسه.