الجمعة 16 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل تغيِّر المجاعة ما كرّسته السياسة؟

ما الذي يعنيه إحراق صورة للرئيس ميشال عون وأعلام “التيار الوطني الحر” الخميس في منطقة بيت شاما داخل “عرين” الحزب الإيراني قضاء بعلبك، فيما زار وفد من “الحزب التقدمي الاشتراكي” برئاسة وليد صفير مركز التيار في الدامور وعقد لقاءً مع رئيسه سعيد المتني لـ”التنسيق بما يخدم أبناء الشوف” كما جاء في البيان الصادر؟ أهي السياسة التي استهلكت مصالح كل طرف من الآخر فباتت فلتات اللسان تنم عن مكنون النفوس الذي يترجَم رسائل متبادلة؟ أم هي المجاعة التي باتت تسفر عن مشاهد مخزية كان منها مشهد انقطاع سيارة إسعاف من البنزين، ومشهد عجوز يجر في طابور عند محطة محروقات سيارته العمومية الخاوية من المادة، فيما البنزين في لبنان متوافر، ولكنه مخفي لغاية في نفس من يراودهم التخلص من هَمِّ “الدعم” المزعج، وأولهم مصرف لبنان، الذي أفاد -في محاولة لدفع المسؤولية عن نفسه صوب الشركات المستوردة- في بيانٍ أن البنزين فائض، وأن “كميات البنزين والمازوت والغاز المستوردة حتى تاريخه من العام 2021 تزيد 10% عن مثيلتها في 2019، رغم أن حركة الاقتصاد كانت أفضل”، مع تأكيد وزير الطاقة ريمون غجر “وجود 66 مليون ليتر بنزين و109 مليون ليتر مازوت في خزانات الشركات، بالإضافة إلى كميات غير محددة لدى محطات التوزيع”، مقدرًا أنها “تكفي لبنان لما بين 10 أيام وأسبوعين”، إضافة إلى إعلان مصرف لبنان في بيانه “منْحَ المصارف أذونات لفتح اعتمادات استيراد محروقات شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية”، داعيًا المسؤولين الى التصرف، “كون ذلك ليس من صلاحيته”، ومشيرًا إلى موافقته على اعتمادات قدمتها شركة “مدكو” منذ شهرين لاستيراد شحنتَي محروقات بـ38 مليون دولار، وأن الكميات لم تفرَّغ.

كلام مصرف لبنان رد عليه عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في بيان مضاد بالقول: “كل المعلومات تفيد بأن مصرف لبنان لم يوافق للشركات على تفريغ بواخرها، سواء التي في المياه او التي ستصل خلال ايام، وعليه نسأل عن سبب الإصرار على اذلال المواطنين واصحاب المحطات معًا واستعمالهم في اللعبة السياسية”. وتابع: “ننتظر صيفًا واعدًا بقدوم المغتربين مع العملات الصعبة لانعاش الاقتصاد المنكمش، ورسائل تدفع بهؤلاء الى الغاء مجيئهم جريمة بحق هذا البلد. على من صرف عشرات المليارات من اموال المودعين أن يصرف بضعة ملايين لانقاذ فصل الصيف الذي سيعيد اليه اضعاف ما صرفه. السبيل الوحيد لعدم ابقاء البلاد بلا محروقات هو إقرار الاعتمادات، وإلا فعلى الحكومة ومصرف لبنان مصارحة الشعب اللبناني بما يريدان فعله”.

وعما بات يتردد بقوة من أن الحكومة والمصرف يريدان إلحاق المحروقات برفع الدعم الذي بات في وضع موت سريري في لبنان بعد أن لحق بالمواد الثانوية كلها تقريبًا مع توقف مصرف لبنان عن توفير العملة الصعبة لاستيرادها منذ ثلاثة أشهر تقريباً، ثم تعداها إلى مادة من المواد الأساسية وهي اللحوم، ويتوقع المراقبون سريانه قريبًا جدًّا على بقية المواد الأساسية، كالمحروقات والدواء وغيرهما، بعد أن وصلت كرة النار إلى مستتبعات هذين، كالمواد الصناعية والاستشفاء والفحوصات المخبرية، اقترح البراكس “خارطة طريق” تتضمن: “تخفيض الدعم تدريجًا 22% شهريًّا لأربعة أشهر، مع إقرار البرلمان البطاقة التمويلية على أن يبدأ العمل بها في الشهر الثاني من رفع الدعم، وعلى أن يقر مصرف لبنان فوراً اعتمادات استيراد المحروقات وتتخذ وزارتا الاقتصاد والطاقة ومنشآت النفط والاجهزة الامنية إجراءات كفيلة بعدم تسليم تجار التهريب أي محروقات، وتسليم كل المحطات في لبنان مادتي البنزين والمازوت من خلال الشركات المستوردة، وتمويل هذه الخطة بـ750 مليون دولار بأمل استعادتها من اموال المغتربين والسواح كما ذُكر”. وتابع البيان: “اما ان كانت الحكومة تصر على ابقاء الدعم، فلتؤمّن الدولارات لاستيراد المحروقات”.

فهل تغير المجاعة الواقع الذي كرّسته السياسة وتتخذ الدولة إجراءات صارمة ضد التهريب بتوسيع ومتابعة العملية التي حدثت في رأس بعلبك بملاحقة سيارة فان محملة بالمحروقات معدة للتهريب والاشتباك معها بعد ظهر السبت أسفرت عن قتيل من المهربين ولاقت ارتياحًا عارمًا في لبنان على رغم نتائجها المؤسفة التي أسفرت عن شهيد من الجيش، وبالتالي تضع حدًّا لاستنزاف اقتصادنا الصغير من النظام السوري، “البالوعة” التي شفطت نفطنا المدعوم وتركتنا بلاقع نُذَلُّ أمام محطات الوقود بفعل ظاهرة التهريب المحمية من حزب إيران في لبنان، فيما هو يستفيد من النفط الإيراني المهرب بكميات أكبر في تحد واضح للعقوبات الغربية وقانون “قيصر” الأميركي (أقر في حزيران 2020)، ودخلت الجمعة ميناء بانياس -كما أفاد موقع “تانكر تراكرز” المتخصص بتتبع الناقلات- “ناقلتين إيرانيتين وصلتا من قناة السويس وعلى متنهما مليون و400 ألف برميل”؟

ليس لنا إلا الرجاء والمناشدة والأمل بأن يوفق الله جيشنا في مهمته الصعبة.