الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

افعلها يا عماد والله والجماهير معك

في 22 تشرين الأول 2020 كُلف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة. سبعة أشهر وثمانية عشر يومًا مرت… ولا حكومة. شهور وأيام ملأى بالمناكفات والمزايدات وتقاذف المسؤوليات والسفسطات القانونية والدستورية… ولا حكومة. لوائح وأرقام وأسماء تدور وتدور… ولا حكومة. انهيار وراء انهيار وفحش في الأسعار يتبعه فحش… ولا حكومة. ذلٌّ لأعزة القوم وقلة ذات يدِ أجواد الناس… ولا رحمة لعزيز قوم ذَلّ ولا حكومة. بذاءات وتفحّش في القول والقول المضاد… ولا حكومة، تحليلات وتحليلات مقابلة حول “داخلية” الأزمة الحكومية و”خارجيتها”… ولا حكومة، لوائح ملئت وعُدّلت، وحروب بيانات استعرت… ولا حكومة.

لا حكومة لأن لا إصلاحات، ولا إصلاحات لأن لا دعم خارجياً، ولا دعم خارجيًّا لأن لا حكومة… إنه الدور “القاتل”، فيما الانهيار يسير بنا بسرعة فلكية نحو الهاوية.

ابحثوا أيها السادة عن رجل الظل.. رجل القصر.. الرئيس غير المتوج منذ دخول الرئيس ميشال عون ما سماه يومًا وبقي يحنّ إليه حنين العطشان في اليوم القائظ إلى الماء البارد “قصر الشعب”، ثم ما فتئ ينطق بلسان وإملاءات هذا الرجل، معرقلًا تنفيذ مبادئ الحريري الحكومية الثلاثة: 18 وزيراً، من الاختصاصيين المستقلين وغير الحزبيين، ولا ثلث معطّلاً يتمسك به عون بقلبه وقالبه وكل جوارحه وإنْ نفاه بظاهرٍ من القول.

لا الفرنسيون المدعومون أميركياً، ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولا التلويح بعقوبات جديدة، أوروبية هذه المرة، ولا حتى “كلمة السر” الخارجية بمختلف هوياتها التي طال انتظار وصولها إلى الأطراف المعرقلة، نجحوا في فكفكة موزاييك الفساد العسكري المالي لعصابة “المافيا-الميليشيا”، التي تتوج فسادها قريبًا برفع الدعم عن السلع، ناشرة الفوضى الاجتماعية وزيادة الفقر الذي قد يلامس حد المجاعة.

لن يرضى صاحب العهد ورجل ظله بحال، وعلى الأخص حزب السلاح في لبنان، «حكومةَ مهمّة» قد تتسلم وفريقَ رئيسِها السياسيَّ الحكمَ في حال انتهت ولاية عون الرئاسية من دون انتخاب رئيس آخر، فيما لا ندري هل لا تزال في جعبة رئيس العهد ورجله المدلل من محاولات التحايل شيء، بعد أن كان آخر ما “جادت” به الدعوة إلى طاولة الحوار العقيمة، سبقها التسويق الإعلامي للتمديد لرئيس الجمهورية، وإثارة دعوة سرعان ما انطفأت لتكرار تجربة يتيمة في تاريخ لبنان (تجربة الرئيسين فرنجية وسركيس) بانتخاب مبكر للرئيس الذي سيخلف الرئيس الفعلي، في حيلة ماكرة لاختصار صعوبات رجل الظل لبلوغ الكرسي، وما بين هذه وتلك برزت كل تلك الهرطقات الدستورية عن الصلاحيات الفائحة بالنفس الطائفي، والبالونات الاختبارية باستقالات نيابية لإعادة تكوين السلطة، فيما يعلم فريق الرئيس علم اليقين أنها لن تكون لمصلحته أبدًا في الشارع المسيحي، ناهيك عن استحالة حدوثها مع رفضها القاطع من حزب السلاح، الذي أبلغ تيار الرئيس السياسي صراحة عدم موافقته على هذه الخطوة….. فأين الحل؟؟؟؟

إذا كانت ثورة سلمية استطاعت حشد مليون شخص في الشارع يومًا لم تستطع زحزحة هذه السلطة الفاسدة المجرمة عن أماكنها، فهل يفعلها رجل يحظى بإجماع اللبنانيين، لم يتورط بشبهة فساد، ولديه من القوة والشوكة والمنعة ما يخوّله فرض الحل، عنينا به قائد الجيش العماد جوزيف عون؟

مع زيارة عون الأخيرة إلى فرنسا ولقائه رئيس هيئة أركان الجيوش المشتركة الفرنسية الجنرال فرانسوا لوكوانتر ووزيرة الدفاع فلورنس بارلي، اللذين شددا على مد اليد لمساعدة الجيش اللبناني بالعتاد وعسكرييه على تجاوز الوضع الاقتصادي الدقيق، لأنهم ” الركيزة الأساس لوحدة لبنان واستقراره”، وفق بارلي، وقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تلبية نداء قائد الجيش لتنظيم مؤتمر دولي في أواخر حزيران مخصص لمساعدة الجيش اللبناني الذي بات راتب غالبية أفراده لا تساوي المئة دولار فيما قد لا يصل راتب المناصب العليا فيه إلى الخمسمئة دولار حدًّا أقصى، وسط الحديث عن حالات فرار وإن كانت لا تزال معدودة.

ومع استعداد واشنطن، بكشْف نائب مدير الاستراتيجية في القيادة الأميركية الوسطى الجنرال ديوك بيراك، في منتدى حواري عن لبنان نظمه «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، نية الجيش الأميركي القيام بالتدريبات العسكرية الأضخم مع الجيش اللبناني برًّا وبحرًا وجوًّا، وتأكيده أن لا مخاوف في واشنطن من تسريب المعدات المنوي إعطاؤها للجيش إلى حزب الله، على رغم الدور التخريبي الذي يمارسه هذا الحزب، ومع كلمة للسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا في 28 أيار الفائت، في ختام تمرين بحري ثلاثي “أميركي-لبناني-أردني” في لبنان بعنوان “التمرين المشترك 21” (الأخير من تمارين “الاتحاد الحازم” المخصصة لشرق المتوسط ولبنان التي أجريت بين 17 و 28 أيار)، اعتبرت فيها “الاتحاد الحازم أحد فرصنا لتبادل الخبرات مع الجيش اللبناني والعمل معًا لإكمال السيناريوهات الصعبة”، ومنها “تجهيز الجيش تجهيزا كاملًا لمكافحة التهريب والتهديدات البحرية”، كاشفة عن “عزم وزارة الخارجية الأميركية تقديم هبة عسكرية عبارة عن أنظمة خدمات وتدريبات دفاعيّة بالغة الأهميّة، و3 زوارق خفر سواحل للدورية من طراز Protector-class سوف تعزّز قدرات الدوريات البحرية اللبنانية إلى حدّ كبير، و59 مليون دولار لتعزيز قدرات الجيش على الحدود الشرقية”، مذكرة في الختام “بالالتزام الطويل الأجل تجاه الجيش اللبناني، فقد قدمنا منذ 2006 أكثر من 2.5 مليار دولار مساعدات عسكرية للبنان”، معلنة أن “شراكتنا الأمنية الآن هي أكثر من أي وقت مضى ذات أهمية حيوية”،
ومع توجيه قائد الجيش خلال اجتماع قيادة الأركان والمجلس العسكري في الثامن من آذار الفائت، تحذيرًا من تداعيات الأزمة الاقتصادية على الجيش اعتُبر موجَّهًا ضد الطبقة السياسية واستُشف منه اتخاذ قائد السلطة العسكرية قراراً بعدم الصدع بأوامر السلطة المدنية تجلى في عدم تنفيذه أمر الرئيس عون بإخلاء الطرقات من المتظاهرين، في رسالة واضحة إلى الطبقة السياسية بأن الجيش لن يقف في وجه الاستياء الشعبي المحق، وإلى المتظاهرين ببقاء الجيش إلى جانبهم طالما بقيت الاحتجاجات سلمية، قائلًا إن “الجيش جزء من هذا الشعب ويعاني مثله”، وسائلًا: “أتريدون مؤسسة جيش قوية وصامدة أم لا؟ لا يمكن أن تقابل جهوزيتنا الدائمة بخفض مستمر للموازنة، فالأمر بدأ يوثر في معنويات العسكريين. لقد تحدثنا إلى المسؤولين ولكن لم نصل إلى نتيجة للأسف”.

ومع تأكيد عون أن “من غير المسموح التدخل في شؤون الجيش، سواء بالتشكيلات أو الترقيات أو رسم مساره وسياسته”، مضيفًا: “إذا كان للبعض غايات مخفية في انتقاد الجيش فليدركوا أن فرط الجيش يعني نهاية الكيان”، ودعوته “متهمي الجيش بالتقصير في موضوع التهريب” إلى “معاينة الحدود والاطلاع على أبراج المراقبة التي نصبها الجيش”…

بعد كل ما مر نقول: إننا لا ننتظر لسؤالنا جوابًا، بل هو سؤال يُقصد به الالتماس والرجاء والطلب، افعلها يا عماد وأقص الطبقة الفاسدة التي أذاقت البلاد والعباد صنوف العذاب، ولا تهن، فوراءك الجماهير بمختلف اتجاهاتها، وهي معك والله معك.