الخميس 29 شوال 1445 ﻫ - 9 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

رفيق الحريري..الشهيد الذي سيقلب الموازين غدا

لم يظن القتلة ربما حين خططوا في بلد ونفذوا في آخر بتاريخ 4 شباط 2005، أن أيام كهذه سيشهدها العالم، فـبعد مرور 15 عاما على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يقبع النظام السوري المتآكل من داخله، تحت رحمة الاحتلالين الروسي والإيراني بينما تنتشر المرتزقة في أرجاء البلاد.

وفي المقلب الآخر، تحاول إيران التقاط أنفاسها من الثقوب المتبقية جراء العقوبات الأميركية المفروضة عليها، والتي شلت الاقتصاد الإيراني وأدخلت الدولة في مستنقع العزلة الدولية، وسط موجات غضب شعبي مطالبة بالتوقف عن سد رمق الأذرع في المتوسط بينما قلب إيران يعيش المجاعة، أما العاصمة اللبنانية فتواجه مصيرها بعد انفجار صُنف في المرتبة الرابعة في سلسلة أكبر الانفجارات حول العالم، لتمسي بيروت العاصمة، صورة توضيحية لما تخلفه أيادي الشر الإيرانية في المتوسط.

لم يتوقع قتلة انفجاري 14 شباط و 4 آب مع فارق الأطنان والمواد المستخدمة للقتل، أن ثمة عدالة تطالهم، على اعتبار أنهم قوة مطلقة، عابرة للعالم، حاضرة للتدمير والنسف، ديدنهم القتل والإلغاء، وغذاؤهم الدماء، في سبيل تحقيق مشروع “دولة الفقيه” في بلاد الشام.

يأخذ حزب الله وضعية الصفر إزاء يوم العدالة المنتظر غدا 18 آب، يتأهب، يتحضر ويحتضر، سيناريوهات متعددة تواجهها إيران في لبنان، لعل التنازل عن المشاركة في الحكومة المزمع تشكيلها تحت ضغوط أميركية وضمن تسوية تشكل جرعة أوكسيجين تحتاجها إيران، هو السيناريو الأقرب للوردية ربما، لكن تبقى هذه الفرضية الأكثر إحراجا لجمهور المقاومة وبيئة حزب الله المضبوطة بقرار والمتعطشة لـ 7 أيار جديد.

هذه البيئة التي خرجت عن المعادلة اللبنانية باتجاه الشرق، ولعلها الحاضنة الأكثر خسارة بين اللبنانيين، في حين تحصر إنتاجها في خدمة الميليشيا، فئة متقوقعة على ذاتها، قدمها الحزب لكل لبنان كفئة “مصاصي الدماء”، تشكل عصاه السحرية وسبابته التي يهدد بها، ويتوعد. لكن وحده تاريخ 4 آب من يفرض معادلته، لإعادة تشكيل القوى، بمساندة محكمة دولية ستقوّم انحراف المسار اللبناني، تحت عنوان “بيروت لن تكن طهران” لتشكل بداية النهاية لـمشروع تحويل لبنان إلى مستعمرة فارسية مهجورة ومعزولة، دسّت الشعب اللبناني بأكمله تحت نظرية “الأمر الواقع”.

هو رفيق الحريري إذن، رجل الدولة الذي لا يزال وقع اسمه يقلب الموازين، فهو الذي استحال يوما الدمار لإعمار، واغتياله لاستقلال، يعيد إعمار العاصمة المدمرة غدا بقرار لا يخل من اسمه، ويرفع عن بيروت ركام حزب يدلس الحقائق ويطمس الشهود، حزب لديه من الوقاحة ما يكفيه ليعلن للعالم غدا عدم معرفته بالرئيس رفيق الحريري، لكنه يتابع بدقة تحركات نتانياهو على غرار جهله بمرفأ بيروت لمصلحة مرفأ حيفا.

ينتظر اللبنانيون مرحلة انتقالية على مستوى عالمي، يُخاَطب فيها حزب إيران كمجرم، يرفض العالم التعامل معه كلاعب أساسي في الساحة اللبنانية، أو القبول به شريك وطني وفقا لشروطه الدموية التي لا ينفك يهدد بها ملمحا لقدرته على تحويل الساحة اللبنانية إلى معركة.

ساعات قليلة، طويلة على من يناظرها بعين تشيح شرقا، تاريخية لشعب يناظرها من بقعته الصغيرة أو فوق الركام باتجاه كل لبنان، ساعات حاسمة يعيشها اللبنانيين في انتظار حكم يرفع حقا ركام السان جورج ويمزق قمصان 7 أيار ويمسح دماء شهداء 4آب. ستعيدنا المحكمة الدولية إلى يوم 14 شباط، تحديدا إلى الساعة 12:55 ظهرا، لكن هذه المرة بدون تفجير، لنعبر للساعة الواحدة وكأن الموكب قد انعطف من السان جورج إلى وجهته بسلام، لنعبر من حيث توقف الزمن، ومن حيث توقف لبنان، إلى غد آخر.

ينظر اللبنانيون إلى المحكمة الدولية كـطوق نجاة ينفخ الروح في لبنان ويبعثه مجددا إلى الحياة، والانخراط في المجتمع الدولي، وبناء دولة مؤسسات لا يحكمها فردا من الطغمة السياسية الحاكمة، يتطلع اللبنانيون غدا لتسمية الأشياء بمسمياتها ومصطلحاتها، لا بألقابها، فالمنفذ اسمه قاتل، والمخطط إرهابي.

هو رجل الدولة رفيق الحريري، يفعلها مجددا، ليحضر اسمه في المحافل ويقلب الموازين لكفة لبنان الذي حرره من الاحتلال السوري باستشهاده، ويفعلها غدا ويضع الإيراني في اتجاهه الصحيح “شرقا”.

ربما لا معالم واضحة للسيناريو الذي يمضي إليه لبنان، أو الذي يحضر له، لكن الحقيقة المطلقة أن حقيقة مطلقة أخرى تخرج إلى العالم غدا، لتشكل ذاكرة لبنان الجديد، وتمهد له طريقا دفع اللبنانيون في 4 آب ثمن مسبقا باهظا، لأجل معركة التغيير الكبرى، وقد يكلفنا مجددا ثمنا لا نقو على حمله، لكن شعبا اختار تشرين مسارا، هو منه وإلى تشرين يعود.