اليوم الأربعاء، يوم الغضب الشعبي وغداً الخميس، يوم الفصل، في الاستشارات النيابية الملزمة لإعادة تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً مكلفاً لتأليف حكومة، يبدو ان دونها صعوبات، ليس أقلها، تساؤلات، واشتراطات، التيار الوطني الحر، سواء فيما إذا الحريري مفوضاً سامياً، ووصياً على مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، يدخل المشهد اللبناني اياماً فاصلة، في الـ72 ساعة المقبلة، وعلى بعد ساعات قليلة من حلول الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 17 ت1.
فعلى الأرض اليوم حدثان، عمالي ودبلوماسي، فالاتحاد العمالي العام، واتحادات النقل البري في بيروت، والمناطق كافة دعت إلى اعتصام من الثامنة حتى العاشرة، وتسيير سيّارات عمومية وخصوصية وشاحنات، في إشارة رمزية اعتراضية، على رفض رفع الدعم عن المحروقات والخبز والدواء.
وفي الناقورة، عند الحدود الجنوبية الغربية للبنان، تنطلق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في حدث نادر برعاية الأمم المتحدة، ووساطة أميركية، تعيد إلى الذاكرة مفاوضات 1983، ولكن بخلفيات مختلفة تماماً، فلا المفاوضات لشيء سوى تحديد جغرافيا ثروات النفط والغاز في مياه لبنان الإقليمية، ولا لأي شيء آخر، وسط مخاوف من فخ إسرائيلي، قد يحول دون انعقاد الاجتماع الأوّل اليوم، ما لم يتم تدارك محاولات تل أبيب الايحاء بالمعاني السياسية والدبلوماسية لوفد تل أبيب.
بالتزامن، تسجل أوّل زيارة لمسؤول لبناني إلى الولايات المتحدة هو المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي زار عين التينة، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي قبل سفره اليوم.
بالعودة إلى الناقورة “والنقار” الحاصل بين حزب الله وبعبدا، يبدو الخلاف اشبه بمسرحية من إخراج ايران لجعل المفاوضات ورقة تستغلها إيران حين تشاء.
وفي السياق، تم رصد ضخاً ممنهجاً للأنباء والأخبار الإعلامية عشية تدشين مفاوضات الناقورة الحدودية برعاية أميركية اليوم، للإيحاء بوجود خلاف بين حزب الله ورئيس الجمهورية حول تشكيلة الوفد الرسمي عبر محاولة اتهامه بتسييس التفاوض اللبناني – الإسرائيلي، في حين أنّ ما جرى في مقاربة الملف التفاوضي لا يعدو كونه “توزيع أدوار بين أفرقاء الصف الواحد، فلا حزب الله في وارد الاستغناء عن دور عون المحوري في المفاوضات مع إسرائيل، ولا عون نفسه في وارد الخروج عن النص المكتوب من جانب الحزب لطبيعة هذه المفاوضات”، وسألت: “هل يصدّق عاقل أن يكون رئيس الجمهورية تلقى فعلاً رسالة حاسمة من قيادة “حزب الله” ترفض تركيبة الوفد الرسمي الذي شكله للتفاوض، وبقي الوفد على حاله؟”.
وعليه، بدا أنّ ما أشيع وأشبع تحليلاً وتأويلاً في الساعات الأخيرة حول وجود خلاف واختلاف في التوجهات بين قصر بعبدا وحارة حريك ”إنما يهدف في جزء منه إلى إرسال رسائل مشفرة باسم “حزب الله” إلى الإسرائيليين والأميركيين تلوّح باحتفاظه بالقدرة على نفض يده من عملية التفاوض ساعة يشاء، ويسعى في جزء آخر إلى إعادة تعويم العهد العوني أميركياً ومحاولة تجنيب تياره السياسي كأس العقوبات، عبر تصويره في موقع القادر على انتزاع تنازلات من “حزب الله” لصالح ترك الباب موارباً أمام إمكانية شبك الخطوط الحدودية بالسياسية مستقبلاً تحت سقف اتفاق الترسيم المزمع إبرامه مع إسرائيل”.