الأثنين 20 شوال 1445 ﻫ - 29 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

التوتر بين إدارتَي بايدن ونتنياهو هل يسرّع الانفجار؟

هل حقًّا أوشك سياسيون اسرائيليون ينتمون إلى ثمانية أحزاب من اليمين واليسار والوسط على تشكيل ائتلاف حكومي ينهي 12 عامًا متواصلة من حكم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وحزبه “الليكود” (منذ 2009)، وهو ائتلاف لم يُتَح لأي جهة في إسرائيل منذ مدة طويلة على رغم اجتيازها أربعة انتخابات في غضون عامين ونيف (منذ نيسان 2019) نتيجة تعذر حصول الحكومات على ثقة الكنيست (61 صوتًا من 120 هي العدد الإجمالي لمقاعد الكنيست)، مع اقتراب انقضاء الأسابيع الأربعة (بعد غد الأربعاء) لتكليف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين المذيع التلفزيوني السابق ورئيس حزب “هناك مستقبل” يائير ليبيد تشكيل الحكومة؟

ومع تشكيل ما يحدث في إسرائيل، إثر تردي علاقتها تحت حكم نتنياهو بالإدارة الديمقراطية الجديدة في الولايات المتحدة إلى درك سحيق بسبب مفاوضات الملف النووي الإيراني الجارية في جنيف، مادةً دسمة في موضوع نفوذ أيٍّ من الدولتين أقوى في الأخرى، والكلام عن التفاؤل بإمكان ضمان نصاب التشكيل من أصوات أحزاب المعسكر المناهض لنتنياهو المتأرجحة بين اليمين واليمين المتطرف والوسط واليسار، وهي “أزرق أبيض” (يرئسه وزير الدفاع بيني غانتس، وسط، 8 مقاعد) و”العمل” (ميراف ميخائيلي، يسار، 7 مقاعد) و”إسرائيل بيتنا” (أفيغدور ليبرمان، يمين متشدد، 7 مقاعد) و”أمل جديد” (جدعون ساعر، يمين، 6 مقاعد) و”القائمة المشتركة” العربية (أيمن عودة، 6 مقاعد) التي تقف تاريخيًّا ضد الليكود، و”ميرتس” (نيتسان هوروفيتش، أقصى اليسار، 6 مقاعد)، إضافة إلى حزبَي ليبيد (17 مقعدًا، وسط) و”يمينا” (7 مقاعد، يمين متشدد، منشق عن الليكود) إثر موافقه رئيسه نفتالي بينيت على اقتراح ليبيد تشكيل حكومة تكون رئاستها بالتناوب بدءًا به حتى أيلول 2023 ومن ثم تؤول إلى ليبيد حتى تشرين الثاني 2025، هل التفاؤل هذا في مكانه حقًّا مع التباعد الأيديولوجي بين مكونات الائتلاف الحكومي المزمع إنشاؤه إلى حد التناقض في مسائل مصيرية مثل السلام وحل الدولتين والاستيطان والعاصمة والحدود والسلاح الفلسطيني… وغيرها؟ وهل سيستطيع الثنائي “ليبيد-بينيت” ضمان وقوف جميع رؤساء أحزاب الائتلاف إلى جانبه، أم أن مكوناته اليمينية قد تنشق وتذهب إلى “بيئتها الطبيعية” استجابة لدعوة بتشكيل حكومة يمينية صافية أطلقها نتنياهو لدى علمه بجدية ما يحدث تتوزع رئاستها ثلاثيًّا بينه وبين ساعر (المنشق عن “الليكود”) وبينيت؟

وكان نتنياهو، بعد أن شعر بأيامه الأخيرة على كرسي رئاسة الوزراء، شن هجومًا عنيفًا على المشاورات الجارية وعلى حليفه السابق نفتالي بينيت، قائلًا إن تشكيل ما سمّاها “حكومة يسار” يمثل خطرًا كبيرًا على مستقبل إسرئيل، متهمًا “يمينا” بممارسة التضليل ومحاولة إحداث الانقسام السياسي، وأكمل: “لا تسمحوا بهذا، فهو خطر كبير على الردع الإسرائيلي”. وتابع نتنياهو، مشتمًّا رائحة العاصمة الأميركية في كواليس ما يحدث، هجومَه على الأخيرة الذي كان بدأه في 25 أيار الفائت مع تعيين ديفيد برنياع رئيسًا جديدًا للموساد وتوصيته بـ”مهمة أولى” لجهازه وهي “اتخاذ قرارات شجاعة ومستقلة لضمان ألا يضع الملالي حدًّا لوجود الشعب اليهودي بامتلاك السلاح النووي… سواء تم التوصل إلى اتفاق [في جنيف] أو لا… وتدمير آلات الدمار التي يملكها أعداء إسرائيل”، واضعًا إياها هذه المرة في سلة واحدة مع أعداء إسرائيل فقال: “فكِّروا في ما سيحدث في غزة وإيران وفي واشنطن، هؤلاء يدعمون الاتفاق النووي، هل سيحاربون حماس؟ لن يفعلوا ذلك. هل سيدافعون عن جنودنا في محكمة لاهاي؟ لن يفعلوا ذلك أيضًا. هم يرفضون الخدمة العسكرية فمن سيحمي المستوطنات؟”. وعلى رغم قول نتنياهو في هذا الخطاب أن الاعتماد على نظام التناوب في تشكيل الحكومات أمر غير صحي، إلا أنه لجأ إليه في اليوم التالي مرغمًا بعد أن شعر بتفلّت الأمور من بين يديه، داعيًا كلًّا من ساعر وبينيت إلى “الحضور الآن وعلى الفور” للقائه والانضمام إلى حكومة تناوب ثلاثي، مضيفًا: “نحن في لحظة حاسمة بالنسبة لأمن دولة إسرائيل وصورتها ومستقبلها”.

وفي حال لم تنفع تحركات نتنياهو في تخريب الجهود الجارية لتشكيل حكومة، وخصوصًا مع إعراب ليبيد –خلال رده على كلام نتنياهو خلال اجتماع لكتلة حزبه- عن تفاؤله بالنجاح “في غضون أيام”، وقوله إنه “لا تزال هناك صعوبات كثيرة لكن سنتغلب عليها معاً، وسنقيم حكومة موحدة من اليمين والوسط واليسار، حكومة وحدة لجميع مواطني اسرائيل”، مشيرًا الى أن “خطاب نتنياهو خطير وغير مسؤول وتجاوز كل الحدود، ولهذا نحن بحاجة إلى حكومة غير منقسمة ومضطربة وإلا فلن يكون أداؤها جيدا مع الإيرانيين ومع الاقتصاد”، هل سيلجأ رئيس الوزراء المهدَّد إلى أساليب أخرى تكون غير تقليدية، وربما مجنونة للبقاء في السلطة، كتوجيه ضربة كبيرة للمنشآت النووية الإيرانية (مفاعلا بوشهر وآراك النوويان ومنشأتا التخصيب في ناتانز وفوردو) يكون هدفها ثلاثيًّا: فرض استمرار حكومته كحكومة حرب، وتخريب الجهود الجارية لإزاحته عن السلطة، وتخريب مفاوضات جنيف؟

يقولون في المثل: “يا خبر اليوم بفلوس بكرا ببلاش”، فلنراقب تطورات الأيام المقبلة، فهي حبلى بالأحداث الجسام.