الأثنين 20 شوال 1445 ﻫ - 29 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

صراع إسرائيلي سلطوي بين "دمويتين" والخاسر الفلسطيني

مع كشف خبر صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأميركية عن اجتماع سري يوم 25 أيار الفائت في القدس بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورأس الائتلاف الحكومي الجديد في إسرائيل يائير لبيد، للتنسيق بين الطرفين لإطاحة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الذي بات عامل إزعاج حقيقي للساسة الأميركيين، إلا إذا استبق الأخير محاولة إزاحته بخطوات دراماتيكية تقلب الأوضاع في المنطقة على عقب، متوسلًا لتحقيق هدفه حملة عنيفة شنها على الإدارة الديمقراطية الجديدة كانت ذريعتها سعي هذه الإدارة إلى إحياء الاتفاق النووي مع العدو الإيراني، واضعًا إياها في سلة واحدة مع آيات الله وقادة غزة من الإخوان المسلمين على صعيد تهديد وجود إسرائيل، وهي خطوات مشى أولها داخليًّا عبر تجنيده أعضاء حزبه “الليكود” والمعسكر المؤيد له في إسرائيل للضغط على أعضاء الكنيست اليمينيين كي لا يصوتوا لمصلحة الائتلاف الجديد الذي وصفه بـ”اليساري الخطر”، بهدف إفقاده نصاب الثلثين المطلوب للثقة، كما عبر عزْفِه على وتر التفرقة بين مكونات الائتلاف حين اتهم بينيت بـ”بيع النقب للقائمة العربية الموحدة”، قاصدًا احتواء العقد الحكومي بندًا بشأن وقف هدم المباني غير القانونية في القرى البدوية بصحراء النقب…

كل ذلك استباقًا لمحاولة مناهضي نتنياهو في الكنيست عقد جلسة لاستبدال رئيس البرلمان ياريف ليفين المحسوب على الليكود، لخشيتهم من تأجيله جلسةِ التصويتِ بعد عشرة أيام… كما أنه يستعد لإتمام مشيها خارجيًّا، عبر -كما يتوقع كثير من المحللين- ضرب القدرات النووية الإيرانية (مفاعلا بوشهر وآراك النوويان ومنشأتا التخصيب في ناتانز وفوردو) ليصيب بذلك أكثر من عصفور بحجر واحد: فرض استمرار حكومته كحكومة حرب، وتخريب الجهود الجارية لإزاحته عن السلطة، وتخريب مفاوضات جنيف، وذلك مع الشكوك الكثيرة حول وقوف إسرائيل واستخباراتها وراء تكثيف الهجومات في الآونة الأخيرة على منشآت إيران وحلفائها، كتدمير مفاعل الكُبر النووي السوريّ وسطوها على أرشيف إيران النووي واغتيالها علماء الذرة العرب والعراقيين المسؤولين عن ملف العراق النووي، وتنفيذها هجمات إلكترونية ضد المفاعلات الإيرانية، تسببت إحداها بحريق وانفجار في منشأة ناتانز التي كانت استهدفتها من قبل بفيروس “ستاكسنت” ودمرت عبره ألف جهاز طرد مركزي، واغتيالها ستة علماء نوويين إيرانيين وإصابتها سابعًا بجروح خطرة، ودوران الشبهات أخيرًا حول إغراقها سفينة “خارك” التابعة للبحرية الإيرانية والمستخدمة في استخبارات الإشارات والمراقبة في خليج عُمان بالقرب من مضيق هرمز، إثر سلسلة انفجارات غامضة استهدفت بدءًا من عام 2019 سفنًا تجارية في خليج عمان بعد اتهام البحرية الأميركية إيران -كما ذكرت وكالة “سكاي نيوز”- باستخدام متفجرات موقوتة فيها، وإظهارها صورًا لأعضاء في الحرس الثوري يزيلون لغمًا غير منفجر من سفينة…

ومع بدايات تعثر المفاوضات الأميركية الإيرانية في جنيف وتصاعد الدعوات داخل الولايات المتحدة، ومنها تقرير لـ”معهد الدفاع عن الديمقراطية”، إلى إسقاط النظام الإيراني، لا بقيادة واشنطن بل بالشعب الإيراني، عبر دعم توفير الوصول إلى الإنترنت في الداخل وإنشاء صندوق لدعم إضراب العمال، وصندوق لدعم المنشقين، معتبرًا المفاوضات مع إيران تطيل عمر نظامها، وتسعِّر التهديد النووي الإيراني، كما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، كما تزيد من استمرارها دولة أولى راعية للإرهاب في العالم، معتبرًا أن إسقاط نظام إيران سيقضي على برنامج صورايخها الباليستية وسيخفف توترات المنطقة، ويسمح بالتركيز على التحدي الصيني ولا يتطلب انخراط الولايات المتحدة في حرب بل فقط الحفاظ على العقوبات على إيران ومسؤوليها، والدعم الأقصى للشعب الإيراني…

مع كل ما ذُكر هل سيُقدم نتنياهو، للحفاظ على حكمه وليس لأنه يرى خطورة على وجود إسرائيل كما يدّعي، على خطوة مجنونة لا يستطيع فعلها مع “الجبار الأميركي” سوى زعيم من إسرائيل مدعوم بقوة “اللوبي الصهيوني” المالك أوراق الضغط المالية والسياسية الكثيرة داخل الولايات المتحدة، وهي خطوة إما أن تعيد إسرائيل إلى صدارة دول المنطقة، وإما أن تدفع بالعلاقات الأميركية-الإسرائيلية نحو درك لم تبلغه من قبل، أم أن واقعيةَ ما بعد الجنون كتلك التي أصابت حليف نتنياهو السابق دونالد ترامب، ستدفعه إلى مغادرة رئاسة الحكومة خائبًا ومفسحًا المجال لحكومة لن تكون أقل دموية منه في حق أصحاب الأرض الفلسطينيين، تلتزم أمام الولايات المتحدة بعدم التدخل في سياساتها الإيرانية حتى أوان تبيُّن خيطها الأبيض من أخيه الأسود لتبني بعد ذلك على الشيء مقتضاه؟