الأثنين 20 شوال 1445 ﻫ - 29 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"كش بيدق" ليبقى الملك

في مستقبل نرجوه قريبًا، عندما تنقشع الغمة السوداء لحزب يَصْدُق فيه أيُّ شيء سوى نسبه إلى الإله، قد تروي الأم حكاية النوم لأطفالها عن كان يا مكان في قديم الزمان عدوٌ زرعته إرادة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية على حدودنا، احتل في لحظات ضعفنا وتخاذلنا أرضًا لنا فبات واجبًا تحريرها، وعندما انبرى أصحاب الأرض لتحريرها شكل الشعب والدولة السند الخلفي المتين لهم بالمال والسلاح، حتى إذا ما أُنجز التحرير استحوذ هؤلاء على الدولة وتسلطوا على الشعب بالسلاح الذي بين أيديهم، وتفردوا بمصير وطن بأكمله وبقرار حربه وسلمه، متسببين مرات ومرات بتدميره وقتل أبنائه، وكان الأشقاء الحقيقيون، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، يهبّون في كل مرة لنجدته وإصلاح ما أفسده “الحزب اللاإلهي”، متعالين -لا عن ضعف- على الجراح التي تطاولهم من ذوي السفاهة والعته حتى من بيئة هذا الحزب وقادته، الذين وصل الأمر بكبيرهم وما هو بكبير، إلى الدعاء على آل سعود علانية بالموت، على رغم ما قدمته المملكة بعد الحرب الإسرائيلية التي طحنت الحجر والبشر في 2006، وهو ما لا يُنكِر فضلَه إلا الجَحود الحَقود الرامي حجارةً في بئر كان شاربَها، فضلًا عن مليارات الدولارات ودائع في المصرف المركزي، وحوالى 380 ألف عامل لبناني على أراضيها وأراضي اتحاد دول الخليج العربي (وفقًا لـ”الدولية للمعلومات”) يضخون الأموال إلى لبنان المدمر اقتصاديًّا، وكانت نتيجةُ كِبَر نفوس السعوديين تمادي هؤلاء في غيِّهم وافترائهم وضلالهم دون أي وازع من أخلاق، حتى بلغ السيل الزبى، وقيض الله للمملكة شابًا هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أوتي من الحكمة والحزم الحظ الوفير، فأعلنها صريحة أن لا صفح مقابل التعدي، وقرر الغضب في مواطن الغضب، والثأر في مواطن الثأر، وإظهار عزة المملكة مع هؤلاء الصغار الصغار، فبعد أن كان لسان حال المملكة قول زهير بن أبي سلمى:

ومَن يكُ ذا فضلٍ فيبخلْ بفضلهِ * على قوْمه يُستَغنَ عنهُ ويُذْمَمِ

أصبح لسان حالها قول الشاعر نفسه:

ومنْ لا يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بسلاحِهِ * يُهَدَّمْ ومَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ
ومنْ هابَ أسبابَ المَنايا يَنَلْنَهُ * وإنْ يَرْقَ أسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
ومَن يَغتَرِبْ يَحسِبْ عدوًّا صديقَهُ * ومَن لا يُكَرِّمْ نَفسَهُ لا يُكَرَمِ

حتى انقلب الحال وتغير المقال، فلم يعد ثمة من يجرؤ على المملكة في لبنان حتى من ألد أعدائها، وأودت “خطيئةُ” وزير يعيش أحلام الماضي، وما هو إلا أخرق نكرة ولا يكاد يَبين، به إلى المحرقة كبشًا غير مبارك، بعد أن وصلت العزة بالمملكة إلى المطالبة –كما أفادت قناة لبنانية شهيرة- بأن يزور هذا المتطاولُ “السفيرَ السعودي في لبنان وليد بخاري في منزله مقدّماً اعتذاراً خطياً ورسمياً من دول مجلس التعاون الخليجي كلها، وإلّا سيُصار إلى مواقف تصعيدية قد تصل إلى قرارات تصدر عن جامعة الدول العربية”، فما كان من لبنان الرسمي بمكوناته كافة، وحتى تلك التي تمثل تيار وهبي السياسي، سوى المسارعة إلى محو اسم وهبي بين ليلة وضحاها من صورة لبنان الرسمي الخارجية.
قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن البيدق هو وزير الخارجية شربل وهبي والملك هو الرئيس ميشال عون، ولكن لا عزيزي القارئ، فكلنا بيادق والملك هو “حزب الله”، السائر نحو “كشّنا” جميعًا لو سارت الرياح بما تشتهي سفن “وليِّه الفقيه” في جنيف وغزة واليمن، بعد أن أغرق الأمة بالفوضي والدمار والانقسام والأحقاد والحروب المتناسلة، ولكن هيهات هيهات، فأمة كسرت شوكة الغزاة التتار المتوحشين، وخاضت حرب تشرين عام 1973 التي هشّمت العنجهية الإسرائيلية وأسطورة الجيش الذي لا يقهر، هي أمة ولّادة أمجاد، وقادرة في كل حين على رد العدوان الفارسي ولو بعد حين، فتربصوا إننا من المتربصين.